غزة تايم – دفعت الصعوبات المعيشية في قطاع غزة، نصف سكان القطاع، إلى الاقتراض لتدبير احتياجاتهم، بينما تتزايد تداعيات العدوان والحصار الإسرائيلي، للعام الثاني عشر على التوالي، وكذلك تقليص السلطة الفلسطينية رواتب موظفيها منذ نحو عامين.
واشتدت أزمة السيولة النقدية بشكل واضح، في إبريل/نيسان 2017، في أعقاب الإجراءات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية، عبر تقليص نسبة الرواتب المدفوعة لموظفيها عدة مرات، الأمر الذي ألقى بظلاله على القدرة الشرائية والحركة التجارية.
وتعتبر رواتب الموظفين في القطاع العام بغزة، المحرك الرئيسي للحركة التجارية، منذ سنوات طويلة، نتيجة لغياب الدور الفاعل للقطاع الخاص، إلى جانب تعطل قطاعات صناعية وتجارية وزراعية، بفعل الحصار والحروب المتلاحقة.
ووفقاً لبيانات صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن 53.2 في المائة من الأسر في غزة حصلت على قروض أو سلف، في الوقت الذي أنفقت فيه 78 في المائة من هذه القروض على الإنفاق المعيشي، ونحو 21 بالمائة على مواد البناء.
ويقول الباحث في الشأن الاقتصادي، أسامة نوفل، إن الكثير من الإحصائيات التي وثّقت الاقتراض من البنوك والمصارف في غزة أظهرت أن نحو 80 في المائة من هذه الأموال كانت قروضا استهلاكية وليست قروضاً تنموية.
ويوضح نوفل أن السبب الرئيسي لهذه القروض والنسب المرتفعة يعود إلى حالة الفقر التي تجاوزت 80 في المائة في صفوف سكان القطاع، إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة إلى أكثر من 52 في المائة، واستنفاذ السكان مدخراتهم على مدار السنوات الماضية.
ويشير نوفل إلى أن معادلة الحد الأدنى للاستهلاك اليومي للمواطن تعكس الحالة الصعبة التي وصل إليها سكان القطاع، إذ بلغ معدل الاستهلاك مقارنة بالدخل الخاص ما نسبته 136 في المائة، وهو مؤشر يكشف الحالة الاقتصادية التي وصل إليها السكان.
ويلفت إلى أن تزايد الاقتراض يتزامن مع تراجع المساعدات الدولية التي كانت تقدمها المؤسسات للكثير من العائلات وتعد بمثابة مصدر رئيسي لتوفير الاحتياجات اليومية.
ويربط الباحث في الشأن الاقتصادي بين انعكاسات الإجراءات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية قبل عامين وما يجري حالياً، إلى جانب قطع رواتب آلاف الموظفين وعائلات الأسرى والشهداء والجرحى في الشهور الأخيرة، لا سيما أن هذه الرواتب تشكل مصدراً أساسياً لهذه العائلات.
وعند إجراء مقارنة بسيطة بين الفترة التي بدأت بها السلطة الفلسطينية في فرض إجراءاتها بحق الموظفين بغزة وبين الفترة التي سبقتها، سنجد أن إجراءات السلطة فاقت تلك الإجراءات التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي عبر حصاره للقطاع، بحسب نوفل.
ويشير إلى أن موظفي حكومة غزة السابقة الذين عيّنتهم حركة حماس يعانون كذلك، حيث إن إجمالي ما يحصل عليه بعضهم هو مبلغ 1200 شيكل إسرائيلي، في الوقت الذي يعتبر معدل الحد الأدنى للفقر هو 1450 شيكل، وهو ما يعني أن هؤلاء الموظفين في دائرة الفقر. (الدولار الأميركي يعادل 3.59 شيكل).
وأوقفت البنوك، خلال الشهور الماضية، التسهيلات الائتمانية المقدمة في القطاع، نتيجة القلق من تزايد حالات التعثر في السداد.
ويؤكد مدير العلاقات العامة في غرفة غزة التجارية، ماهر الطباع، أن خصم السلطة رواتب الموظفين العموميين المحسوبين عليها، واستمرار الحصار الإسرائيلي، أديا إلى أوضاع كارثية غير مسبوقة انعكست سلباً على الحياة اليومية للمواطنين.
ويقول الطباع لـ”العربي الجديد” إن توجه المواطنين نحو الاستدانة جاء نتيجة للارتفاع غير المسبوق في معدلات الفقر والبطالة وأعداد العاطلين عن العمل، في ظل الحاجة الماسة لتوفير وتغطية النفقات اليومية.
وشهد العام الماضي ارتفاعاً غير مسبوق في عدد المتعطلين عن العمل في قطاع غزة، حسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، حيث بلغ نحو 54.9 في المائة، وهي النسبة الأعلى عالمياً، ليتجاوز عدد العاطلين 280 ألف شخص.
وتجاوزت نسبة البطالة 73 في المائة بين الشباب والخريجين في الفئة العمرية من 20 إلى 29 سنة، الحاصلين على مؤهل دبلوم متوسط أو بكالوريوس.
ويلفت الطباع إلى أن إيقاف البنوك للتسهيلات المقدمة للموظفين جاء نتيجةً لحالة انعدام الثقة، التي أعقبت الإجراءات التي اتخذتها السلطة، والتي جعلت الكثيرين عاجزين عن دفع ما عليهم من التزامات.
ويضيف أنه في ظل الحالة التي يمر بها القطاع، فإن المشهد يتجه نحو المزيد من انعدام القدرة الشرائية لدى المواطن الغزي، خصوصاً أنه مقبل على فترة مزدحمة بالمواسم، سواء شهر رمضان أو الأعياد، وما سيلحقه من بداية للعام الدراسي المقبل.
ويعتمد أكثر من 80 في المائة من سكان قطاع غزة على المساعدات الإغاثية التي تقدمها المؤسسات الدولية العاملة فيه، في الوقت الذي لا يزيد متوسط دخل الفرد اليومي عن دولارين أميركيين، إلى جانب وصول نسبة انعدام الأمن الغذائي إلى نحو 69 في المائة.
المصدر: العربي الجديد