بمهارة عالية يمرر الطفل الفلسطيني آدم الشريف، الكرة لزميله على الجانب الآخر من الملعب خلف صفوف دفاع الفريق الخصم قبل أن يعيدها إليه ليسددها بدوره باتجاه المرمى محرزاً هدفه الأول في المباراة التدريبية الأسبوعية.
دقائق معدودة بعد ذلك، ويتمكن “الشريف” من إحباط هجمة معاكسة كادت أن تتوج بهدف للفريق الآخر، بعد أن قطع تمريرة قرب مرماه وأعاد الكرة إلى منتصف الملعب ليستحوذ عليها رفاقه، ويشنون هجمة مرتدة، إلا أن التسديدة لم تكن دقيقة بما يكفي فخرجت الكرة بعد أن اصطدمت بالعارضة.
كان ذلك خلال حصة تدريبية لتعليم مهارات كرة القدم تجريها أكاديمية “المحترفين” بمدينة غزة، ضمن برنامجها لتعليم كرة القدم للأطفال الذي يشارك فيه خلال الموسم الحالي نحو 150 طفلا تترواح أعمارهم ما بين 5-16 عاما.
وخلال السنوات القليلة الماضية، ارتفع عدد أكاديميات تعليم كرة القدم للأطفال في قطاع غزة بعد زيادة الإقبال على تعلم اللعبة الأكثر شعبية عالميا، في ظل افتقار القطاع، المحاصر منذ 12 عاما، للبدائل الترفيهية والرياضية.
وبعد أن انتهى الشوط الأول من المباراة التدريبية، يقول الطفل آدم الشريف (12 عاماً): “التحقت بأكاديمية المحترفين منذ أكثر من شهر وتعلمت خلال هذه المدة، العديد من أساسيات ومهارات كرة القدم”.
وبينما يحاول أن يلتقط أنفاسه اللاهثة، يضيف الشريف :”أحلم أن أصبح لاعباً مشهورا مثل ليونيل مسي لاعب فريق برشلونة، أو زين الدين زيدان، المدرب السابق لفريق ريال مدريد، لذلك أحرص على المشاركة في جميع دروس الكرة التي تنظم مرتين أسبوعياً”.
ولا تؤثر دروس كرة القدم على التحصيل العلمي للطفل “الشريف” فهو كما يحرص على تعلم مهارات الكرة فإنه يهتم بدراسته بشكل جيد، كما يقول.
ويتابع : “عندما ألعب كرة القدم أشعر بمتعة كبيرة وبطاقة قوية تساعدني على الدراسة. أبي أخبرني أن الرياضة تنمي قدراتي العقلية ووجدت أنه صادق في ذلك”.
ويعتقد الطفل الغزي أنه ستمكن من تعلم جميع أساسيات كرة القدم بعد عام واحد فقط، وأنه سيصبح لاعبا متميزا عندما يبلغ من العمر (16 عاماً).
ويحب “الشريف” أن يشاهد المباريات القوية في الدوري الإسباني مثل تلك التي تجمع بين فريقي ريال مدريد وبرشلونة، حتى وإن كانت في وقت متأخر.
ومن خارج أرض الملعب يراقب المسؤول في أكاديمية “المحترفين” لكرة القدم، حسن سيسالم، الحصة التدريبية التي تستمر لنحو ساعتين في محاولة للتعرف على نقاط الضعف والقوة لدى الأطفال، لعلاج الأولى وتعزيز الثانية.
ويقول، إن “كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى بالعالم والإقبال عليها كبير بقطاع غزة خاصة من قبل الأطفال الذين يتابعون مباريات الكرة الأوروبية ويتأثرون باللاعبين المحترفين ويحلمون بأن يصبحوا مثلهم”.
ويضيف: “هناك وعي رياضي أيضا لدى الأهالي في غزة فبات لديهم اهتمام كبير بأن يتعلم أطفالهم كرة القدم ويطوروا مهاراتهم فيها في ظل ما يحققه اللاعبون المحترفون من نجاحات عظيمة على المستوى المحلي والعالمي”.
ويشير إلى أن عدد أكاديميات تعليم كرة القدم في قطاع غزة يتزايد بشكل متواصل وقد وصل إلى نحو 20 أكاديمية.
ويؤكد “سيسالم” أن هذه الأكاديميات تحاول إنشاء جيل موهوب بكرة القدم ليمثل فلسطين بالمحافل الإقليمية والدولية.
ويوضح أن أعداد الأطفال الذين يلتحقون بأكاديميته يزداد بشكل كبير خلال العطلة الصيفية ليصل إلى 500 طفل، بينما يتقلص العدد في الشتاء إلى نحو 150 طفلاً.
ويتم تقسيم الأطفال في الأكاديمية إلى ثلاث فئات حسب أعمارهم، الأولى تضم الأطفال من 5 لـ9 سنوات والثانية من 10-12 والثالثة من 12-16 عاماً.
وكان قطاع غزة يفتقر إلى المنشآت والأندية الترفيهية والرياضية، إلا أن السنوات القليلة الماضية شهدت تزايدا بأعداد هذه الأماكن (لا تتوفر إحصائية محددة بعددها) التي يقبل عليها الفلسطينيون في محاولة لتجاوز التبعات النفسية للحصار، والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على القطاع، والتي أسفرت عن سقوط آلاف الشهداء والجرحى.
وتفرض إسرائيل حصاراً على سكان غزة منذ فوز حركة (حماس) في الانتخابات التشريعية، في يناير / كانون الثاني 2006، وشدّدته منتصف يونيو / حزيران 2007.
المصدر: الأناضول