غزة تايم – حذر مدير عمليات “أونروا” في غزة، ماتياس شمالي من أنه في ظل مقتل مئات الفلسطينيين وإصابة أكثر من 30 ألف شخص حتى الآن خلال مسيرات العودة الكبرى، يواجه العديد منهم خطر العيش مع الإعاقة مدى الحياة، وأن إسرائيل تصعب خروجهم من غزة لتلقي العلاج المناسب، وتلغي تصاريح الخروج السابقة للذين يعانون من أمراض مستعصية مثل السرطان.
وأشار شمالي في حوار مع موقع الأمم المتحدة، نشر الخميس، على هامش زيارته إلى المقر الدائم بنيويورك لتسليط الضوء على مؤتمر “أونروا” لإعلان حملة التبرعات يوم 25 يونيو/حزيران الجاري، إلى “الآثار المدمرة من الناحية النفسية” على سكان القطاع الذي يعاني من حصار مزمن يعيق تقدمه وازدهاره. وأكد أنه “من الهراء أن ندعي بأن أونروا هي المشكلة”، مشيرا إلى أن المشكلة تكمن في فشل الدول في إيجاد حل سياسي للحالة المستمرة منذ أكثر من سبعين عاما.
وبحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية التي تتابع الوضع الصحي عن كثب، رفضت إسرائيل 40 في المائة من طلبات الحصول على تصاريح لمغادرة قطاع غزة للعلاج.
وعن إمكانيات استمرار عمليات “أونروا” مع نقص التمويل، خصوصاً أن المفوض العام للوكالة، بيير كرينبول، حذر من أن “أونروا” ليس لديها ما يكفي من الأموال لإدارة عملياتها بعد منتصف يونيو/حزيران الجاري، قال شمالي: “للأسف، لم يتغير الوضع بشكل كبير. ما زلنا نحصد تضامنا كبيرا من الدول الأعضاء بما في ذلك خلال وجودي هنا في نيويورك. وهناك مؤتمر سنوي لإعلان التبرعات في نهاية شهر حزيران/يونيو، وسنحتاج حقًا إلى أن نرى تعهدات قوية بحلول نهايته، وإلا كما قال المفوض العام، سنضطر إلى النظر في بعض الإجراءات الخطيرة على صعيد عملياتنا”.
وعن العنف الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين المشاركين بمسيرات العودة، قال ماتياس شمالي: “مسيرة العودة الكبرى التي بدأت نهاية مارس/آذار العام الماضي تجري بشكل رئيسي يوم الجمعة، لكن في الأسابيع الأخيرة بدأت تحدث أيضا في أيام أخرى من الأسبوع. مرّ أكثر من عام على هذه المظاهرات، وصاحبها تأثير مدمر من الناحية الإنسانية، إذ أصيب أكثر من 30 ألف شخص، 7000 منهم بالذخيرة الحية، والكثيرون منهم يواجهون الآن خطر العيش مع الإعاقة مدى الحياة”.
وأوضح أن “بعضهم لم يعد قادرا على العمل، وفقدوا دخلهم وسبل عيشهم نتيجة لذلك. كما قتل 200 شخص هذا العام بمن فيهم 13 على الأقل من طلاب أونروا، طلاب من مدارسنا”.
وقال: “التداعيات مدمرة، ليس فقط من حيث الإصابة وفقدان الأرواح، ولكن أيضا من الناحية النفسية. الناس يعانون من عواقب كل هذا، لأنه حتى الآن لم تؤتِ المظاهرات ثمارها؛ إذ إن النتيجة الرئيسية لمسيرات العودة الكبيرة كانت الإصابات والقتل. لم يتم إنجاز أهدافها الأساسية التي تتعلق بالعدالة للاجئين وإنهاء الحصار، ولم يتحقق أي منهما”.
وتابع شمالي: “غزة مكان صغير جدا يضم مليوني شخص. لذلك فإن الجميع يعرف كل شيء عن كل شيء، ومن يفعل وماذا. الناس يعلمون أننا ندير مراكز رعاية صحية أولية. إذن أولئك الذين أصيبوا بجروح خطيرة ذهبوا إلى المستشفيات، وهناك قليلون قدموا إلى مراكزنا الصحية كانوا مصابين بأعيرة نارية. ويجب أن أقول إنني قابلت بعض ممرضينا الذين قاموا بعمل بطولي، إذ إنهم غير مدربين أو مجهزين لإزالة طلقات الرصاص من أجساد الناس، لكنهم فعلوا ذلك وأنقذوا الأرواح. معظم الحالات ذهبت إلى المستشفيات ونحن نقدم الرعاية ما بعد العناية التي يتلقاها المصابون في المستشفيات مثل تغييرِ ضمادات الجراح أو العلاجِ الفيزيائي الذي يعد مشكلة كبيرة بالنسبة لسبعة آلاف شخص أصيبوا بالذخيرة الحية، والدعمِ النفسي”.
وتعليقاً على ما قاله منسق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، جيمي مكغولدريك، وفي آخر مؤتمر صحافي له في جنيف يوم 8 مايو/أيار الماضي بأن حالات التهاب العظام لدى المصابين أدت إلى أكثر من 120 عملية بتر، قال شمالي: “من الواضح جدا أن مستشفيات غزة لا تملك القدرة على التعامل مع كل هذه الحالات الخطيرة للغاية، وعلى وجه الخصوص الجراحة الترميمية.
وعن إمكانية مغادرة هؤلاء لغزة أجاب: “هذا سؤال جيد. عليهم الحصول على تصريح من السلطات الإسرائيلية، وللأسف حتى الآن لم يتم إصدار عدد كافٍ من التصاريح لهذه الحالات. هذا يحدث في السياق العام الذي أصبح فيه الإسرائيليون يصعّبون في بعض الأحيان منح تصاريح لأسباب طبية، ومسيرة العودة هي بالطبع الحالة الأكثر بروزا. ولكن سمعت منذ أيام أن أخت زميل لنا تبلغ من العمر 53 عاما وتعاني من السرطان، تحتاج إلى الذهاب بانتظام إلى الضفة الغربية للحصول على علاج السرطان. وعلى الرغم من أن لديها تصريحا، رُفض تصريحها فجأة. إذاً ما أحاول قوله هو أن مغادرة غزة لتلقي العلاج الطبي مشكلة. تراقب منظمة الصحة العالمية هذا الأمر بعناية فائقة، وتنشر الإحصاءات شهريا. أعتقد أنه في الشهر الماضي تم رفض حوالي 40 في المائة من طلبات الحصول على تصاريح، وهو رقم مرتفع”.