بلاغات كاذبة و”تسالي” في غزة تُرهق الدفاع المدني والهلال الأحمر

بلاغات كاذبة و”تسالي” في غزة تُرهق الدفاع المدني والهلال الأحمر

Rayan
2019-03-28T21:40:21+03:00
مجتمع غزة
Rayan28 مارس 2019

غزة تايم – “مرحبًا، الهلال الأحمر؟ هل بإمكانكم إطعام قطتي لأني خرجت من البيت دون أن أطعمها وهي جائعة؟”. هذا الاتصال ليس مشهدًا في “سكتش” ساخر، بل اتصالٌ ورد فعلاً لقسم الطوارئ والإغاثة في الهلال الأحمر في غزة، وهو واحدٌ من اتصالاتٍ عشوائية مماثلة ترد على الدوام إلى الهلال وكذلك الدفاع المدني، وتمس بجدية عمل هذه الأقسام وتهدر طاقة طواقمها.

وخلال رصد هذه الإزعاجات في حوارات مع الجهازين، إذ تبيّن أنهما يتلقيان اتصالاتٍ تتضمن طلباتٍ بالبحث عن الزوجات أو الأزواج، وشحن رصيد هاتفي، وبلاغاتٍ كاذبة يزعم من قدموها أنهم شاهدوا حالات انتحارٍ أمام عيونهم، وحوادث طرق وحرائق.

الهلال الأحمر: 40% من الاتصالات التي تصلنا بلاغاتٌ كاذبة أو للتسلية، وأغلبها من جنوب قطاع غزة

أحد المتصلين على الهلال الأحمر طلب كسر باب البيت لأنه غير قادرٍ على الخروج إلى عمله، وآخر اتصل سائلاً عن أحدث أغاني فنانٍ ما، وآخرون اتصلوا للسؤال عن وفود عربية ودولية -مثل الوفد الأمني المصري- إن كانت وصلت قطاع غزة، وما هي نتائج زيارتها.

يؤكد بشار مراد، مدير الإسعاف والطوارئ في الهلال الأحمر بغزة، أن نسبة البلاغات الكاذبة من الاتصالات التي تتلقاها خدمة الطوارئ والإغاثة تصل إلى 40% من مجمل الاتصالات، وتتضمن بلاغاتٍ كاذبة عن حالاتٍ مرضيةٍ وما شابه، أو اتصالاتٍ ساخرةٍ للتسلية.

وبيّن مراد، أن النسبة الأعلى من هذه البلاغات والاتصالات تكون في جنوب قطاع غزة، وأكثرها في خانيونس، معتبرًا أن غالبية من يقدمون هذه البلاغات “يعانون أمراضًا نفسية، أو مراهقين يمارسون تلك الممارسات على سبيل التحدي بينهم”.

وأوضح مراد، أن الإسعاف يتكبد خسائر “ليست بسيطة” بسبب البلاغات الكاذبة، إذ تتوجه الطواقم وسيارات الإسعاف إلى المكان المذكور في البلاغ ولا تجد أي حالةٍ طارئة، فتكون قد أهدرت وقت طواقمها وعطّلت سيارة إسعاف لوقتٍ قد يكون طويلاً بسبب أشخاصٍ أرادوا التسلية.

وأكد أن اتصالاتٍ مشابهة وردت حتى في حالات “الكوارث” و”الأزمات”، لكنها لم تتضمن بلاغاتٍ كاذبة، بل استفساراتٍ عن أخبارٍ محددة حول قصفٍ أو توغلٍ للجيش، أو عمليات اغتيال أو جرائم قتل، “في هذه الحالة نعمل على تصحيح المعلومات للمتصلين إن كانت مجرد شائعات” قال مراد.

كما يتلقى الهلال الأحمر أحيانًا اتصالاتٍ يُمكن وصف سببها بأنه “الجهل” و”قلة الخبرة”، ومن ذلك أن سيدة تسكن شرق خانيونس اتصلت بقسم الطوارئ طالبة مساعدة في حالة ولادة، وبعد توجه سيارة إسعاف للمنطقة، تبين أن الولادة لرأس غنم، والسيدة لم تجد من تتصل به في ظل غياب زوجها، فاتصلت بطوارئ الهلال طالبة النجدة.

يقول مراد: “لا نستطيع تجاهل أي اتصال، فقد يكون المتصل جديًا في حاجته للمساعدة، وقد يتعلق الأمر بحياة إنسان”.

الدفاع المدني يتلقى أيضًا مثل هذه الاتصالات على الدوام، والأمر هنا ليس حالاتٍ نادرة بل “ظاهرة” وفق الناطق باسم الجهاز في غزة، الرائد رائد الدهشان.

الدفاع المدني: الاتصالات الساخرة والبلاغات الكاذبة في غزة يُمكن وصفها بأنها ظاهرة

يتحدث الدهشان عن أحد هذه الاتصالات موضحًا أن الجهاز استنفر طواقم الإطفاء للسيطرة على “حريقٍ هائل” في غزة، ولدى وصوله إلى المنطقة التي تم التبليغ عنها، لم يجد حريقًا، كما أبلغ سكان المنطقة بأنه لا يوجد شخصٌ في كل المنطقة يحمل اسم المتقدم بالبلاغ.

أحد المتصلين بالدفاع المدني، طلب منهم تفعيل خدمة الانترنت على هاتفه المحمول، فاعتذر الموظف لأن ذلك خارج الاختصاص وأغلق الخط، لكن الرجل ذاته عاود الاتصال للاستفسار عن سبب الخصم من رصيد هاتفه المحمول دون سبب، فأبلغه الموظف أن الأمر خارج الاختصاص، ليرد بأنه يعلم ذلك.

ويرى الدهشان، أن هذه الاتصالات تعكس “جهل المتصل بقيمة الخدمة وأهميتها في إغاثة الملهوف”، مضيفًا، “في هذه الحالات لا يملك الموظف سوى الرد بدبلوماسية شديدة وحازمة في الوقت ذاته، والتأكيد أن هذه الخدمة للطوارئ فقط، وعليه الاتصال بالشركة المختصة بما يريده”.

جهاز الشرطة لم يسلم من اتصالاتٍ مماثلة، لكن “لا يمكن اعتبارها ظاهرة” وفق ما أفادنا به الناطق باسم الشرطة أيمن البطنيجي، الذي أكد أن أغلب من يقومون بهذه الاتصالات “يعانون أمراضًا نفسية، والشرطة تعرفهم”.

الشرطة: أغلب من يتقدمون ببلاغات كاذبة يعانون أمراضًا نفسية

وأضاف البطنيجي أن الشرطة لم تتلقَّ منذ وقتٍ طويل أي بلاغٍ من أي جهة تقدم خدمة الإغاثة والطوارئ عن تلقيها “معاكساتٍ” أو بلاغاتٍ كاذبة من أرقام محددة، مؤكدًا أن الشرطة ستتعامل معها هذه البلاغات بكل حزم.

يُعلل الدفاع المدني والهلال الأحمر عدم تبليغ الشرطة بهذه التصرفات، بأن أغلب الأرقام المتصلة لا أسماء لمالكيها ويصعب التعرف عليهم والتعامل معهم. وهذه المشكلة تعود لانتشار الشرائح الهاتفية غير المسجلة بأسماء أشخاص محددين، بسبب انتشار “بسطات” تبيع هذه الشرائح في الشوارع دون تسجيل أسماء المشترين.

يُذكر أن البلاغ الكاذب يُعتبر جنحة يُعاقب عليها القانون، وفق ما ورد في المادة 123 من قانون العقوبات لعام 1936. وأفادنا المستشار القانوني تامر عاشور بأن عقوبة هذه الجنحة هي السجن لفترة تتراوح من يومٍ إلى ثلاث سنوات كحد أقصى، أو غرامة تتراوح من دينار إلى 10 آلاف دينار، أو كلا العقوبتين معًا.

وأشار عاشور إلى أن تحديد العقوبة من هذه العقوبات يكون وفق تقدير القاضي، ومدى تكرر البلاغات الكاذبة، وأسباب القيام بهذه التصرفات، وكذلك حسب عمر الشخص الذي قام بالبلاغ ومدى أهليته.

المصدر: ألترا فلسطين

كلمات دليلية
رابط مختصر
Rayan

صحافية فلسطينية من غزة، أعمل حالياً مدير التحرير لدى غزة تايم.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.