سجل يجمع عدد من الصفحات التي تم زيارتها في الإنترنت هو سجل التصفح.
يشكّل سجل التصفّح في الإنترنت، أو ما يُعرف بـ “Browsing History”، واحدًا من أكثر الأدوات اليومية ارتباطًا بالمستخدمين في العالم الرقمي، إذ يجمع تلقائيًا الصفحات والمواقع التي تمت زيارتها عبر متصفحات الشبكة مثل “غوغل كروم” و”فايرفوكس” و”مايكروسوفت إيدج”. ورغم بساطة هذه الخاصية، إلا أنها تحولت إلى محور نقاش متزايد يتعلق بالفوائد العملية من جهة، والمخاطر المرتبطة بالخصوصية من جهة أخرى.
سجل يجمع عدد من الصفحات التي تم زيارتها في الإنترنت هو سجل التصفح.
وفق خبراء التقنية، يتيح سجل التصفح للمستخدم العودة بسهولة إلى أي موقع زاره سابقًا، سواء لأغراض البحث أو الدراسة أو العمل، كما يسهّل استكمال الروابط أو الكلمات المفتاحية عند كتابتها مجددًا في شريط العنوان. هذه الخاصية لا توفّر الوقت والجهد فقط، بل تساعد أيضًا في استرجاع مصادر معرفية تم الرجوع إليها في الماضي.
لكن في المقابل، يثير سجل التصفح تساؤلات جدّية حول حماية بيانات المستخدمين. فالمعلومات المخزّنة داخله تُظهر تفاصيل دقيقة عن الاهتمامات، والأنشطة اليومية، وأحيانًا حتى المواقع الجغرافية، وهو ما قد يُستخدم لأغراض تجارية أو دعائية أو حتى أمنية. وتشير تقارير أمنية إلى أن شركات الإعلان الرقمية تعتمد بشكل كبير على بيانات سجل التصفح لبناء ملفات شخصية عن المستخدمين، واستهدافهم بحملات تسويقية موجهة.
في السنوات الأخيرة، قدّمت شركات التكنولوجيا خيارات متقدمة للتحكم في سجل التصفح، مثل الوضع المتخفي (Incognito Mode) أو الخصوصي (Private Mode)، الذي يمنع المتصفح من تخزين الصفحات المزارة مؤقتًا. كما أضافت معظم المتصفحات ميزة “مسح السجل” بشكل كامل أو جزئي، بما يسمح للمستخدم بإزالة بيانات معينة أو جميعها.
على الصعيد القانوني، شهدت عدة دول نقاشات موسعة حول ما إذا كان من حق شركات التكنولوجيا استخدام بيانات سجل التصفح دون موافقة صريحة من المستخدم. ففي الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، تفرض “اللائحة العامة لحماية البيانات” (GDPR) قيودًا صارمة على جمع هذه البيانات، بينما في الولايات المتحدة لا يزال الجدل قائمًا بشأن حدود استغلالها لأغراض تجارية.
ولا يقتصر دور سجل التصفح على الجوانب الفردية، بل يمتد إلى مجالات أمنية أيضًا. فقد تلجأ السلطات القضائية وأجهزة التحقيق إلى هذه البيانات للكشف عن أنشطة إجرامية أو تتبع الجرائم الإلكترونية، وهو ما يعكس أهمية مزدوجة بين حماية الخصوصية من ناحية، والحفاظ على الأمن العام من ناحية أخرى.
يرى خبراء أن مستقبل سجل التصفح سيظل مرتبطًا بالتوازن بين المنفعة والخصوصية. فمن المتوقع أن تزداد قوة أدوات الذكاء الاصطناعي في تحليل هذه البيانات، ما يفتح آفاقًا واسعة لتحسين تجربة التصفح وتخصيص المحتوى، لكن في الوقت ذاته يعمّق المخاوف المتعلقة بالرقابة والتجسس الرقمي.