الأدوية تغزو البسطات.. السوق السوداء تفرض كلمتها في قطاع غزة
الأدوية تغزو البسطات.. السوق السوداء تفرض كلمتها في قطاع غزة

الأدوية تغزو البسطات.. السوق السوداء تفرض كلمتها في قطاع غزة

كازم كازم
أخبار الساعة
كازم كازم21 أبريل 2024

المار في أسواق قطاع غزة ما بعد بدء الحرب، يلاحظ انتشار بسطات الأدوية في الأسواق الشعبية في مشهد لم نعتد عليه من قبل.

هذه الأدوية التي تُباع تحت أشعة الشمس ودون أي رقابة، وربما تكون من الأدوية التي يمنع بيعها دون وصفة طبية، باتت منتشرة بالأسواق وبكثرة.

ولعل الغريب، أن كثيرا من الأدوية التي يفتقدها الغزيون في الصيدليات، يجدها على البسطات في الأسواق، بأسعار مرتفعة عن سعرها الطبيعي.

وعلى الجانب الآخر، يتنقل الكثير من المواطنين بين الصيدليات ونقاط بيع الأدوية بحثا عن أصناف معينة ولكن لا يجدونها.
يأتي ذلك الشح في الأدوية بالتزامن مع حرب طاحنة تُنهي شهرها السادس، أدى لارتفاع غير مسبوق بالسلع والأدوية وانهيار كامل للمنظومة الصحية.

نقص الأدوية

ومنذ أشهر تطلق الطواقم الطبية تحذيرات عن نفاد الكثير من الأدوية المهمة، لأكثر من 100 صنف دواء لأمراض الكلى والقلب والسرطان وغيرها من المستلزمات الطبية، بجانب نقص كبير في الأجهزة الطبية والأسرّة المخصصة للمرضى.

ويشهد قطاع غزة نقصاً في أدوية حيوية، مثل الأنسولين لمرضى السكر، والبنسيلين للحمى الروماتيزمية، ومخدر “البنج”، وأنواع كثيرة، وذلك بحسب الدكتور مازن، صاحب صيدلية في محافظة رفح.

وعن سبب ظهور سوق سوداء للدواء، يقول الصيدلي “مازن” الشركات كانت تعطينا الدواء بخصم (15-20) بالمئة، وأصبحت مؤخرا تعطينا الدواء بخصم واحد بالمئة أو دون خصم، هذا إذا وفرته لنا من الأساس، أي أننا إذا بعناه بالسعر المدون على العلبة فلن نربح شيئاً.

وفي كل يوم حسب د. مازن فإن “غزة على موعد مع نفاد أحد أصناف العلاج إن استمر إغلاق المعابر وعدم السماح للمواد الطبية بالدخول.

وقفت شابة في مقتبل العمر تبكي بحرقة، وعلامات القلق تبدو واضحة عليها أمام إحدى الصيدليات في مدينة رفح تسأل عن نوع معين من الدواء.

وقالت الشابة التي رفضت ذكر اسمها: “أتمنى أن أجد هذا النوع من الدواء، ابنتي مريضة وتحتاج الجرعات فوراً فلم تنم ليلتها أمس”، ليجيبها الصيدلي: “للأسف هذا الصنف مفقود منذ شهرين”.

وتجدر الإشارة إلى أن قطاع غزة يشهد نقصاً في أدوية حيوية، مثل الأنسولين لمرضى السكر، والبنسيلين للحمى الروماتيزمية، ومخدر “البنج”، وأنواع كثيرة، وذلك بحسب د مازن، صاحب صيدلية في محافظة رفح.

انتشار البسطات!

وعلى بسطة صغيرة في سوق رفح، يجلس البائع (خالد. م) ينادي على كومة الأدوية المتواجدة أمامه.
ورفض خالد ذكر اسمه بالكامل، وتحدث إلينا بعد عدة محاولات لإقناعه بالحديث.

وعن مصدر هذه الأدوية، قال خالد إنه يشتريها من تاجر الأدوية ويبيعها ليربح في كل صنف شيكلين (نصف دولار أمريكي).
ولعل الغريب في الأمر أن البائع خالد لا يعرف أسماء الأدوية، فكل صنف مكتوب عليه سعره، دون معرفته لطبيعة هذه الأصناف ولأي مرض يتناولها المرضى.

وخلال إلقاء نظرة على الأدوية، فهي للأمراض المعتادة من انفلونزا وكحة وارتفاع حرارة وغيرها. ولكن الأسعار مرتفعة عمّا كانت عليه قبل الحرب، بحدود من 3 إلى 6 شواكل على الصنف. وأكد خالد أن بيع الأدوية مربح له، بسبب كثرة الطلب عليه وحاجة الناس الماسّة لها.

وأشار إلى أنه يبيع الأدوية بأريحية ولا أحد يسأله لماذا تبيعها في السوق، موضحا أن كثيرا من الصيدليات تدمرت بفعل الحرب وهو ما دفعه للبيع على بسطة.

والمتتبع لهذه القضية، يجد أنها رائجة في جميع محافظات قطاع غزة خلال الحرب الجارية، في وقت لم تكن الأدوية تُباع ما قبل الحرب إلا داخل الصيدليات.

الحاج أبو محمد عطا الله وزوجته يحتاجون لعدة أنوات من الأدوية بسبب معاناتهم من أمراض مزمنة مثل الضغط والسكري والسيولة وأمراض مناعية أخرى، لكنه لا يجد أغلبها في الصيدليات.

ويشير “أبو محمد”، وهو موظف متقاعد، إلى أن أزمته ليست مالية، إذ يتمتع بحالة اقتصادية مريحة، وإنما تكمن المشكلة “في العثور على الأدوية اللازمة لعلاج الحالة”.

ويستهجن شراء الأدوية من بسطات صغيرة دون مراقبة أو محاسبة، متسائلا: “هل حياة المواطنين أصبحت رخيصة إلى هذا الحد”.
وأشار إلى أن نقص الأدوية إلى ظهور “سوق سوداء” على غرار سلع أخرى كثيرة مختفية من الأسواق.

المواطن بهاء قداس الذي نزح من شمال القطاع إلى جنوبه، يقول: “أسير منذ ساعات أبحث عن مضاد حيوي لطفلي البالغ من العمر عامين في مشافي رفح انتقالاً إلى النقاط الطبية التي أنشأتها الأونروا مروراً بالصيدليات على الطرقات إلى أن انتهى بي المطاف على إحدى بسطات “سوق النص” وجدت الدواء المطلوب بسعر مرتفع جداً”.

وتساءل قداس عن سبب غياب وزارة الصحة في متابعة الأدوية، وترك الفوضى لتتحكم في سوق الأدوية؟

ولم تنجح محاولات معد التقرير في التواصل مع دائرة الصيدلة في قطاع غزة، بسبب الحالة التي تعيشها المنظومة الصحية في قطاع غزة، والتي انهارت مع طول أمد الحرب واقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي للمستشفيات.

ووفق مصدر حكومي خاص، رفض ذكر اسمه لأنه غير مخوّل الحديث للإعلام، فإن قطاع الأدوية يحتاج ضبط وصرامة في التعامل معه.

وقال المصدر إن انهيار المنظومة الصحية بات واضحا حتى على سوق الأدوية.
وأشار إلى أن هناك تجار متغوّلين، يتلاعبون بسوق الأدوية ويدفعون به نحو السوق السوداء لجني سعرا أعلى من السعر المخصص.

ولفت إلى أن هؤلاء التجار يستغلون غياب الرادع والرقابة الصارمة التي كانت تحدث قبل بدء الحرب على غزة.
وشدد على ضرورة لملمة الأوراق مجددا، وضبط الحالة التي تحدث في سوق الأدوية، باعتباره سوقا حساسا لا يتحمل التلاعبات التي تحدث به.

إيناس الملفوح

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.