في غزة.. عيادة أسنان بحقيبة متنقلة

Rayan26 أغسطس 2022
في غزة.. عيادة أسنان بحقيبة متنقلة
في غزة.. عيادة أسنان بحقيبة متنقلة

كان والد الشاب عبد الله رشاد البابا البالغ من العمر 23 عامًا يعاني من آلام دائمة في الأسنان، مما تطلب منه التنقل بشكل مكثف بين الأطباء. وبسبب استخدامه للكرسي المتحرك، واجه أحيانًا مشاكل في صعود السلالم إلى العيادات العلاجية التي تفتقر مبانيها إلى الكهرباء، وكان بحاجة إلى أكثر من شخص لحمله.

وبينما كان عبد الله أول شاهد على هذه المعاناة، فقد فكر في إيجاد حل من خلال تخصصه في هندسة المعدات الطبية في جامعة فلسطين، وقد حقق ذلك من خلال ابتكار يحقق هدف مساعدة والده ومن في حالته.  وتخرج عبد الله ، الذي يعيش في مدينة رفح بقطاع غزة، هذا العام بمعدل 88 بالمائة، بالتعاون مع ثلاثة من زملائه في الجامعة، مخترعًا “وحدة أسنان محمولة” على شكل حقيبة سفر.

وتشمل الأدوات الرئيسية الموجودة في عيادة طبيب الأسنان، ومزودة بعجلات في الأسفل للجر. ويحدد معدل نجاح الابتكار عند 98 بالمائة، لكنه يؤكد أنه يحتاج إلى تطوير، تمهيدًا لإنتاج نماذج مختلفة تخدم عمل جميع الأطباء، الأمر الذي يتطلب تبني المشروع.

وقال، الحقيبة تساعد من هم في حالة والدي المسن الذي يعاني من إعاقة، وكذلك الفئات الأخرى التي تعاني من آلام الأسنان دون التمكن من الذهاب إلى العيادات التي يتواجد معظمها على طوابق المباني. وفي بعض الأحيان تنقطع الكهرباء وتتعطل المولدات، مما يجبر المرضى على الصعود بمساعدة الناس من الشارع.

وأضاف، بالإضافة إلى مشكلة صعود كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة، فإن جائحة كورونا قدم أسبابًا إضافية لتطبيق الابتكار، بالنظر إلى أن احتمال انتشار الفيروسات مرتفع جدًا داخل عيادات الأسنان، والحقيبة تعالج خوف الأطفال من عيادات الأسنان، وجعلهم يتلقون العلاج في المنزل بين أسرهم.

وحدة أسنان محمولة

ويتحدث عن افتقار المناطق الشرقية من مدينة رفح لعيادات الأسنان، حيث يتركز الأطباء في وسط المدن والبلدات الرئيسية. كما يتلقى الأطباء مكالمات من المرضى في منتصف الليل، لأن آلام الأسنان الأشد في الجسم، ووجود الحقيبة يعالج الكثير من المشاكل.

الحقيبة مقسمة إلى جزأين، الأول ميكانيكي، والذي يتضمن وصلات الحقن والشفط للسوائل الفموية من خلال توربينات ضغط، وشفط هواء، ووصلات لأدوات الحفر. والجزء الثاني يحتوي على المعدات الهيدروليكية، مثل الموتور وخزان السوائل.

الحقيبة التي تزن 16 كيلو جرام يتم نقلها باستخدام عجلات من البلاستيك الصلب لا تتعرض لأي اهتراء مع العلم أن وزن كرسي الأسنان في عيادة الطبيب 150 كيلو جرام. واستطاع عبد الله تأمين بعض الأدوات اللازمة لإعداد الابتكار، وإعادة تدوير الآلات والأدوات الكهربائية الأخرى، لكنه واجه العديد من أوجه القصور في إجراء عشرات التجارب.

وأوضح أنه جمع العديد من الأجهزة، وبحث عن معلومات عن الأدوات التي يمكنه استخدامها، مما دفعه، على سبيل المثال، إلى تحويل مطفأة حريق إلى خزان لمحاولة توفير ضغط الهواء اللازم لنقلها عبر قنوات البلاستيك. لكن المحاولة باءت بالفشل، فجلب أدوات أخرى من محرك الثلاجة، لضخ الهواء اللازم، وهو الإجراء الذي حقق النجاح المنشود.

الحاجة إلى دعم

وأكد أن فكرة “وحدة الأسنان المحمولة” تحتاج إلى دعم الآن، لأن المشروع مهم للغاية لسكان قطاع غزة الذي يضم أكثر من 50 ألف معاق، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، مشيرًا إلى أن نسبة الجرحى تزداد مع كل عدوان وقصف إسرائيلي. كما يوجد عدد كبير من كبار السن يضطرون للتنقل لتلقي العلاج.

وقال، إن المشكلة في قطاع غزة هي أن العمليات التخصصية وزراعة الأسنان والحالات المستعجلة يتم علاجها في عيادات خاصة وليست عيادات حكومية أو تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وهو أمر باهظ التكلفة ويستغرق وقتًا، لذلك انتظر تطوير الابتكار لوضع مادة لاصقة صنع في غزة عليه.

وتابع، أتطلع أيضًا إلى الحصول على منحة دراسية لتطوير ابتكاراتي في ألمانيا التي تعد من بين أكثر الدول تقدمًا في هندسة المعدات الطبية. ومستعد لمرحلة نشر ثقافة التوعية والترويج للجهاز الذي يوفر ميزة القدرة على استخدامه في أي وقت ومكان، ويعالج المشكلات الاجتماعية، ويحتاج الأطباء إلى إرشادات بخصوص آليات استخدامه.

يشار إلى أن فكرة الابتكار إنسانية بحتة قبل أن تكون جهازًا يمكن تسويقه بشكل واسع، ويسعى الشاب عبد الله للوصول إلى كبار السن والمصابين والمعاقين من خلال تسهيل حركة الأجهزة الطبية والوصول لسكان المناطق التي تعاني من التهميش.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

x