حر وفقر يضاعفان معاناة الفلسطينيين في غزة

Rayan25 أغسطس 2022
حر وفقر يضاعفان معاناة الفلسطينيين في غزة
حر وفقر يضاعفان معاناة الفلسطينيين في غزة

تفاقم موجة الحر التي تضرب الأراضي الفلسطينية معاناة مئات الأسر التي تعاني من الفقر والمرض في قطاع غزة. ويصاحب هذه الموجة الحرارية نقص في إمدادات الكهرباء، وهو ما يرجع، حسب شركة توزيع الطاقة، إلى زيادة الطلب.

وقال محمد ثابت، مدير العلاقات العامة بشركة توزيع الكهرباء، إن الطلب على الطاقة يزداد في ذروة موسمي الشتاء والصيف، لكن توافرها محدود، الأمر الذي يتسبب في نقص الإمدادات.  وأوضح أن “التيار الكهربائي اليومي للمواطنين يصل، في أحسن أحواله، إلى 8 ساعات (حصة واحدة)، مع عجز حالي يصل إلى ساعتين لكل حصة كهربائية”.

وبحسب ثابت، يحتاج قطاع غزة إلى “670 ميغاواط في ذروة موسمي الشتاء والصيف”، بينما تبلغ الكمية التي تحصل عليها شركة توزيع الكهرباء من مصادرها الرئيسية (محطة توليد الكهرباء في غزة ومؤسسة الكهرباء الإسرائيلية) “200 ميغاواط.

ويعاني قطاع غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني وتحاصره إسرائيل منذ يونيو 2007، من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. وبحسب تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي) في أيار الماضي، بلغ معدل البطالة في قطاع غزة 47 بالمئة.

الفقر يزيد معاناة الحر

في منطقة “الحي الثالث” بالقرية البدوية شمال قطاع غزة، يهرب الأطفال من حرارة منازلهم المصنوعة من الصفيح وقطع النايلون والقماش إلى مناطق مظللة بالأشجار. وإن حالة الفقر التي تعيشها مئات العائلات في هذه المنطقة تدفع الأطفال إلى المشي حفاة القدمين على الرمال الحارقة بسبب الحرارة الشديدة.

تحاول الفلسطينية شيرين ضيف الله، 37 عامًا، تخفيف الحرارة التي تلسع أجساد أطفالها داخل المنزل، من خلال السماح لهم بالاغتسال بالماء (غير النظيف) الذي جمعته داخل برميل بلاستيكي في أحد أركان منزلها.

وتقول إن المياه القادمة إلى منزلهم مالحة وتحتوي على نسبة واضحة من الكلور، وهي مقطوعة لأيام، مما يضطرها للاحتفاظ ببعض المياه داخل هذا البرميل الملوث بالاستخدام والتخزين.

وأضافت أن حالة الفقر تلقي بظلالها السلبية على الظروف الصحية لأطفالها التسعة، حيث يعاني بعضهم من “أمراض مرتبطة بالتلوث وعدم كفاية السكن لحياة الإنسان”.

ورغم أن زوجها يعمل في مهنة جمع الأحجار وبيعها، إلا أن هذه المهنة لا تكاد توفر احتياجاتهم الأساسية، الأمر الذي دفع عددًا من أبنائها للعمل أيضًا في جمع العبوات البلاستيكية والمعدنية الفارغة، للاستفادة من سعرها كمصروف خاص.

توضح ضيف الله أنها في بعض الأحيان تدعم أطفالها في هذه المهنة، حيث تقوم بجمع الزجاجات الفارغة التي تجدها في طريقها عندما تغادر المنزل. وعلى الرغم من قسوة الطقس، تضطر إلى إشعال النار داخل المنزل لتدفئة طعام أطفالها، لأنها لا تملك غازًا ولا تستطيع شرائه. وعبرت عن خوفها من اندلاع حريق داخل المنزل نتيجة الحريق حيث تغطي أكياس النايلون الجدران والسقف.

حياة معدومة

بدورها، تصف حنان أبو دية، 33 عامًا، أم لخمسة أطفال، الحياة في هذه المنطقة بأنها تفتقر إلى الصحة والاقتصاد والظروف المعيشية وتوافر البنية التحتية.

وقالت، “إن المياه الملوثة التي تدخل المنازل والظروف غير الصحية التي يعيش فيها الأطفال تسبب العديد من الأمراض مثل “التهاب السحايا والتهاب المعدة والأمعاء والأمراض الجلدية”.

وأوضحت أن مياه الشرب غير متوفرة في منطقتهم، وللحصول على جزء منها يحتاجون إلى وسيلة مواصلات لنقلهم حيثما توفرت. وتابعت: “نحن في منطقة معدومة، فلا مواصلات ولا حيوانات تنقلنا من منطقة إلى أخرى”.

يذكر أن زوجها عاطل عن العمل بسبب “تضخم القلب” الذي يجعله عاجزًا عن بذل أي جهد. وتشير إلى أنها توفر الطعام لأطفالها من خلال اللجوء إلى المزارع التي حصدت محاصيلها، حيث تبحث عن بقية هذا المحصول لتحصده.

وتشير إلى أن عائلتها منذ أكثر من عام لم تتلق مخصصاتها المالية كجزء من برنامج الشؤون الاجتماعية الذي تديره السلطة الفلسطينية. وبحسب الهيئة، فإن التأخير في صرف هذه المستحقات يرجع إلى نقص التمويل اللازم. ويبلغ عدد الأسر المستفيدة من مخصصات “الشؤون الاجتماعية” في غزة نحو 80 ألف أسرة تضم أكثر من نصف مليون فرد.

المرض والضغط النفسي

في ساحة منزلها المغطاة بألواح الزينكو، تجلس الفلسطينية فيفيان العريني (32 عامًا) أمام أطفالها، تحاول تحريك الهواء من حولهم باستخدام صينية بلاستيكية لتقليل الحرارة. وتقول العريني إن أطفالها الثلاثة أصيبوا بأمراض جلدية خلال الصيف بسبب شدة الحرارة.

تشكو العريني من الظروف المعيشية الصعبة في منزلها ، وسط غياب أي مصدر دخل لأسرتها. وتوضح أنها تعتمد في حياتها على سلة الغذاء التي توزعها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) مرة كل 3 أشهر.

وتذكر أن طبيعة المنزل تسمح للحشرات والقوارض والزواحف بالتسلل وإلحاق الأذى بالأطفال. وتتابع: “منذ فترة حصلنا على مروحة كهربائية من أهل الخير، لكن تشغيلها مرتبط بتوافر التيار، وهي ضرورية لزوجي المصاب بسرطان الكبد والدم”.

وتضيف: “في عام 2018، اكتشف زوجي إصابته بسرطان الدم، وقبل نحو شهر تم تشخيصه بسرطان الكبد أيضًا”. ويؤدي المرض إلى تفاقم الظروف المعيشية الصعبة في منزل العريني الذي أنهكه الفقر والعوز، بحيث أصبح زوجها حسين غير قادر على العمل بسبب حالته الصحية.

كما تعجز العريني عن العمل في أي مهنة لانشغالها برعاية زوجها الذي يحتاج إلى مساعدة دائمة بسبب مرضه. وتشير إلى أنه مع اقتراب الموسم الدراسي، لا تستطيع أسرتها توفير اللوازم المدرسية للأطفال. كما قالت إن منزلها يفتقر إلى المياه الصالحة للشرب، وهو أمر ضروري لزوجها المريض.

يقول زوجها، إنه يعاني من نزيف يستمر لفترة طويلة من فتحات الوجه، في حالة الحرارة الشديدة والبرودة الشديدة، ويعاني من هذا النزيف في حال بذل أي مجهود مهما كان طفيفًا. وأضاف: “أحياناً أصاب بنزيف في المعدة دون أن أدرك ذلك، مما يؤدي إلى تدهور صحتي”.

ويوضح أنه غير قادر على تلقي العلاج اللازم لحالته الصحية لمنع النزيف بسبب الفقر وتراكم الديون عليه مما يدفعه للاكتفاء بتناول جزء صغير فقط من الأدوية. هذه الظروف الصحية وحالة الفقر التي تعيشها عائلة العريني، تسبب حالة من الضغط النفسي، خاصة للزوج حسين، الذي أصبح الآن غير قادر على تحمل هذه المعاناة.

من أكثر المناطق تضررًا من الحروب

بدوره، يقول رامي أبو قيلق، أحد المتطوعين الذين يقدمون المساعدات للعائلات المذكورة، أن هذه المنطقة الحدودية، على بعد أقل من كيلومتر واحد من السياج الأمني ​​الفاصل، من أكثر المناطق تضررًا خلال الحروب.

وأضاف، “خلال الحروب، طال أمد هذه المنطقة بالقصف وهدم المنازل، ما يفاقم معاناة السكان الذين يضطرون إلى الهجرة إلى مناطق أخرى”. ويوضح أن الكهرباء التي يتم توصيلها لهذه المنازل عشوائية، وأن إحدى السنوات الماضية تسببت في حريق في أحد المنازل.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

x