الفلسطيني رامي أبو الخير يدفع عربته المحملة بأنواع مختلفة من المكسرات والمسليات على “كورنيش” بحر مدينة غزة، أملًا في مهنة مؤقتة يسعى من خلالها إلى إعالة نفسه وأطفال الخمسة، في ظل قلة فرص العمل التي يمكن أن توفر له دخلاً ثابتًا.
الشمس الحارقة لم تمنع أبو الخير الذي بدا متعبًا والعرق يتصبب من جبهته ووجهه وهو يتجول ذهابًا وإيابًا، بينما لم يكن لديه خيار آخر سوى الاستفادة من موسم الصيف، لبيع المُسليات للمصطافين على شاطئ البحر.
شاطئ البحر في قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل منذ ستة عشر عامًا، يجمع بين تناقضات مختلفة، حيث أنه يضم أطفالًا يلعبون بالألعاب البحرية على الشاطئ، بينما يضم أطفالًا آخرين يبيعون هذه الألعاب. بالإضافة إلى البالونات والحلويات. ويشمل استرخاء العائلات داخل الفنادق والاستراحات، بينما يسعى أرباب العمل لعائلات أخرى لكسب موسم الصيف لإعالة أطفالهم.
موسم الصيف في قطاع غزة، الذي يعاني من معدلات بطالة عالية وصلت إلى أكثر من 65%، ومعدلات فقر عالية تجاوزت حاجز 80%، واعتماد الغالبية العظمى على المساعدات النقدية والمساعدات الإغاثية (بحسب للمتخصصين) العديد من فرص العمل المؤقتة التي يستغلها أصحابها لتوفير الضروريات الأساسية لأسرهم، خاصة في ظل عدم وجود فرص عمل دائمة أو مصادر دخل ثابتة.
أكشاك البحر
قال الفلسطيني رامي أبو الخير، إنه لم تكن لديه فرصة عمل توفر له دخلًا ثابتًا يساعده في توفير احتياجات أسرته، أو توفير حياة كريمة لأطفاله، الأمر الذي دفعه أن يعمل في مهن مؤقتة، وأن يستغل الفصول ليوفر لأبنائه كل يوم.
ويوضح أبو الخير أن مهن المياومة لا توفر الأمان المعيشي والوظيفي، إذ لا يستطيع توفير الطعام لأسرته في اليوم الذي يتغيب فيه عن العمل، لأي سبب سواء كان صحيًا، أو حتى قهريًا، وفقًا للحالة المستمرة وغير المستقرة في قطاع غزة والذي يعاني من ظروف سياسة متقلبة وعدوان متكرر من الاحتلال.
وتنتشر على كورنيش البحر في فصل الصيف بائعي المسليات، وأكشاك بيع الذرة المسلوقة والمشوية، وزبادي الذرة بالجبن والأطعمة المختلفة، وكذلك بائعي الألعاب البحرية، والسيارات البلاستيكية الملونة، وباعة فواكه الصيف مثل التين والتين الشوكي التي توضع على بسطات أو عربات لا تستطيع المشي على رمال الشاطئ.
من ناحية أخرى، ينتشر على شاطئ البحر، بائعي المثلجاث، والحلويات، المحمولة مثل العنبر، وكذلك بائعي الترمس والمكسرات والمعجنات بمختلف أنواعها، والبائعين الذين ينقلون بضائعهم في علب صغيرة، أو في عربات دفع صغيرة، يسيرون فيها بين المصطافين.
أما عن مفرق الشيخ عجلين غربي مدينة غزة المشهور ببيع الفواكه الموسمية، فقد قام عدد من الباعة بفرش بضائعهم على كورنيش البحر لبيع الفاكهة للمصطافين. ويقول الفلسطيني محمد أبو عفش الذي يبيع العنب والتين والبطيخ: “نستغل موسم الصيف في بيع الفاكهة وتوفير دخل يساعدنا على مصاريف الحياة اليومية”.
لا يختلف واقع أبو عفش الفلسطيني عن باقي أصحاب المشاريع المؤقتة على كورنيش بحر غزة، ويتضح أنه مع قدوم الشهر يونيو من كل عام، يبدأ في إعداد مكانه لبيع الفاكهة لمن يقضون إجازتهم على البحر، في مهنة بالكاد تساعده على توفير القليل لأطفاله وعائلته.
موسم الصيف
في غضون ذلك، قال الخبير الاقتصادي أسامة نوفل، إن الصيف يخلق موسمًا مزدهرًا للوظائف المؤقتة، مثل الأكشاك والباعة المتجولين الذين يزداد تواترهم في ظل ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع التيار المستمر.
وأوضح نوفل، أن السياحة الداخلية في قطاع غزة محصورة بالبحر، الأمر الذي يدفع بعض الشباب وطلاب الجامعات إلى إقامة العديد من الأعمال التجارية التي لا تحتاج إلى رأس مال، والتي تعتمد على مبالغ مالية محدودة للغاية، بالإضافة إلى التسويق الجيد.
وأشار إلى أن نسبة العمل غير المنظم في قطاع غزة بلغت 30% وتشمل العمالة المجانية داخل المنازل والباعة الجائلين غير المرخصين رسميًا. مضيفًا أن للمهن المؤقتة مزايا مهمة منها تخفيف عبء البطالة بين الشباب وذوي الدخل المحدود. بالإضافة إلى أنها لا تحمل أي نوع من المخاطر التي تواجهها المشاريع الكبيرة والمتعلقة بإغلاق المعابر من الجانب الإسرائيلي ومنع دخول مواد الخام الأساسية.