يطوي الانقسام الفلسطيني الأسود 15 عاما، ليدخل عامه الـ 16 دون مقدرة أحد الطرفين على نزع فتيل الانقسام وعودة الأمور الوطنية لمجراها الطبيعي.
ومنذ عقد ونصف ويعاني الشعب الفلسطيني تبعات الانقسام الكارثية التي أثرت على مناحي الحياة كافة، اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية وغيرها.
والناظر إلى شريط 15 عاما من الانقسام يجد في طياته معاناة وآلام لآلاف الأسر في شقي الوطن، وخصوصا قطاع غزة الذي زادت الأمور فيه تعقيدا بعد الانقسام.
ولعل افرازات الانقسام تمثلت في استمرار معاناة الأجيال التي نشأت وترعرعت في هذا التوقيت، وآثار نفسية مدمرة على نفسية المواطنين وخصوصا الشباب الذين تحملوا المسؤولية مبكرا ووقفوا عاجزين عن تلبية متطلبات الحياة والأسرة.
وفي لغة الأرقام، يدخل الانقسام عامه الـ 16 ولا تزال فلسطين من بين الأعلى في نسب البطالة عالميا، وخصوصا قطاع غزة الذي تتعدى فيه النسبة 50% بين العموم، وتفوق الـ 75% بين الشباب.
ولا تزال آلاف الأسر الفلسطينية تنزلق نحو الفقر لتبلغ النسبة في قطاع غزة أكثر من 80%، “وهو ما زادت من تبعات الأزمة الاقتصادية وخلق جيلا لا يقوى السير دون مساعدات غذائية ومالية”.
وساهم الانقسام أيضا في استشراء الفساد، في ظل تغييب المجلس التشريعي، وطغيان الأحزاب على الساحة، دون النظر للحالة الوطنية.
وخلال سنوات الانقسام المقيت، ظهرت الطبقية في الاقتصاد الفلسطيني، لتعلو فئة من المستنفعين من معاناة الشعب، وتتدنى فئة عامة الشعب نحو الفقر.
ويبدو أن الفلسطينيين يفقدون شيئا فشيئا الفئة الاقتصادية المتوسطة من المواطنين، ليدق ناقوس الخطر بطبقتين فقط إما ثراء فاحش أو فقر مقيت.
ولعل أكثر من يزيد من معاناة المواطنين وحالات الانتحار بين الشباب، وهو فقدان أي أمل في انهاء الانقسام أو تصليح الوضع السياسي، في ظل حالة التعنت من طرفي الانقسام وعناد كل طرفٍ على موقفه دون التنازل لما يخدم الشعب.
ويدخل الانقسام عامه الـ 16 لنتساءل عن كم حالة انتحار سنشهد بين الشباب خلال العام الجديد.. وكم أسرة جديدة ستدخل في مستنقع البطالة والفقر.. وكيف ستواجه هذه الأسر الارتفاع الفاحش على الأسعار.. وهل سنستمر طويلا في هذا الوضع السياسي والاقتصادي العقيم؟
بقلم: عزيز الكحلوت