حماس والخيارات الصعبة في غزة

Rayan8 فبراير 2022
حماس والخيارات الصعبة في غزة
حماس والخيارات الصعبة في غزة

هل ما يزال قطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس، لديه قابلية للحياة، بعد أن أعتاد الناس على الموت بكل ألوانه وأشكاله في ظل ما يعانيه من فقر وقهر وأزمات متلاحقة ومتواصلة؟.

إن حركة حماس تملك القدرة على التحشيد والتعبئة في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس وفي داخل الأرض المحتلة، إضافة إلى أماكن تواجد اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية، كما تملك القوة الإعلامية بما يؤهلها لإيصال رسالتها بالطريقة التي تريد.

وقد حصدت حركة حماس في السنوات الأخيرة شعبية كبيرة، لم تأت من خلال تقديم نموذج للحكم الرشيد في قطاع غزة منذ أن استلمته بقوة السلاح في 2007م حتى اليوم، بل بسبب ما أبدته الحركة وجناحها العسكري من أداء نال إعجاب الفلسطينيين، حين واجهت إلى جانب قوى وحركات المقاومة الفلسطينية آلة الحرب الإسرائيلية في الجولة الأخيرة في مايو 2021م.

وهو ما ظهر في رفع رايات حماس الخضراء وصور قادتها في القدس ومدن الضفة الغربية، والهتاف لقائدها العسكري محمد الضيف، وهو سلوك كان يبدو غريبًا، خاصة إذا كان بعض الهاتفين من المحسوبين على حركة فتح، وهو ما أغضب قادة الأجهزة الأمنية.

في المقابل، فإن صورة قطاع غزة ما تزال قاتمة، ودامية بالجراحات التي لا تبرأ، حيث يعاني سكان القطاع من سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بسبب الحصار الإسرائيلي المشدد، وازدياد وتيرة الشكاوى تجاه ممارسات حكومة حماس التي تتحمل مسؤولية قطاع غزة، والتي لا تستطيع التنصل من هذه المسؤولية، وهي مطالبة بمواجهة هذه الأزمات والعمل على إيجاد الحلول المناسبة.

بدأت حماس مشوارها في المشهد السياسي من خلال شعار “يد تبني ويد تقاوم”، ولكن ثبت أن هذا الشعار لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع، ولذلك هي تحاول ما استطاعت أن توفق بين البناء والمقاومة، فهي معنية بالخروج من المأزق الكبير الذي وضعت نفسها فيه ووضعت الناس أيضاً الذين لا ذنب لهم في هذه المتاهة.

الأطراف المحيطة بقطاع غزة، غير مرتاحة للتعامل مع حركة حماس، إسرائيل تعيش هاجس الأمن وتمارس سياسة “جز العشب” مع المقاومة بغزة، فهي لا تريد القضاء على حركة حماس، لعدم توفر البديل وعدم ترك غزة ساحة فوضى تضر بالأمن الإسرائيلي.

الانقسام الفلسطيني متجذر، وليس هناك اَمال بالمصالحة الفلسطينية وعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، ولذلك تحاول السلطة بكل الوسائل الضغط على حركة حماس من خلال قطع رواتب عوائل الشهداء والأسرى المحسوبين على حركات المقاومة، أو تقليل نسبة رواتب موظفي السلطة، ولكن هذه محاولات أثبتت فشلها.

مصر اتخذت إجراءات كثيرة، منها ردم الأنفاق، وتقييد الحركة التجارية، لكن هذا لم يُجدِ نفعًا بل وجدت مصر نفسها أحيانًا خارج الشأن الفلسطيني، ولذلك حاولت مع الإمارات الدخول إلى غزة بقوة لمواجهة النفوذ القطري والتركي، حيث العداء الواضح بين هذه الدول بسبب إيواء تركيا وقطر للإخوان المسلمين.

محور المقاومة – الذي يضم عدداً من الدول العربية والإسلامية وحركات المقاومة – بحاجة إلى الورقة الفلسطينية، وحماس هي الورقة الفلسطينية الأقوى التي ستعطي المحور زخمه الفلسطيني. وانضمام حماس إلى المحور المقاومة، يجلب لها دعماً مالياً وعسكرياً وأمنياً.

الدول العربية والإسلامية مثل مصر ودول الخليج وتركيا، يمكن أن تقدم مشاريع إنسانية لقطاع غزة، لكنها لا تجرؤ على تقديم دعم عسكري للمقاومة والذي يمثل عصب حماس ومصدر قوتها في قطاع غزة.

في ظل ذلك حماس تعيش مرحلة من الضبابية بسبب البون الواسع بين مواقفها المبدئية ومواقفها المصلحية؛ فالمصلحة المعيشية تدفع الحركة إلى الانحناء، والمبدأ يصطدم بالواقع المعاش.

بقلم: سماح حجازي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

x