الأسرى يخوضون معركتهم وحدهم.. والأمل سلاحهم

Rayan27 نوفمبر 2021
الأسرى يخوضون معركتهم وحدهم.. والأمل سلاحهم
الأسرى يخوضون معركتهم وحدهم.. والأمل سلاحهم

هم الشهداء الأحياء، الشاهدين على عجزنا وتقصيرنا وتخاذلنا، والأحياء بصمودهم وكرامتهم وعزتهم، يقدمون زهرة أعمارهم وربيع شبابهم بعيدًا عن متاع الدنيا وزخرفها، وبعيدًا عن بيوت أهليهم وعيون أطفالهم، إنهم يقدمون حريتهم قربانًا من أجل حريتنا.

إن الأسرى يواجهون “المؤسسة الأمنية الصهيونية” التي تمارس عليهم شتى ألوان الظلم والاضطهاد، ولا تتوانى في مهاجمتهم بكل همجية وعنف، واختلاق المبررات الواهية، كل ذلك من أجل كسر شوكتهم واضعاف عزيمتهم، إضافة إلى حرمانهم من زيارة ذويهم، والاهمال الطبي المتعمد، الذي أدى لاستشهاد العديد من الأسرى والتحاقهم بركب الشهداء، وكان اَخرهم سامي العمور (39 عاماً) حيث قضى 13 عاماً في الأسر من أصل حكم 19 عاماً، وقضى نحبه شهيداً نتيجة الإهمال الطبي المعتمد، ليرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 227 شهيداً، فيما تحتجز سلطات الاحتلال جثامين سبعة شهداء من الأسرى.

إن قبورهم في زنازين الاحتلال شاهدة على أكثر من 5500 من الأسرى والمعتقلين، بينهم 38 امرأة، و200 طفل، وهناك 543 أسيراً يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد لمرة واحدة أو عدة مرات، فيما تشير المعطيات إلى أن 34 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من ربع قرن، و13 أسيراً عاشوا في السجن أكثر من 30 عاماً متواصلة، فهل يموتوا ويدفنوا حتى نسمع صرخاتهم!. وهناك عشرة أسرى مصابون بالسرطان، وبأورام بدرجات متفاوتة، من بينهم الأسير فؤاد الشوبكي (82) عاماً، وهو أكبر الأسرى سنّا.

هؤلاء الأسرى يعيشون ظروفاً لا تشبهها أي ظروف في أي مكان، في معتقلات وسجون لا رقيب عليها، ولا مكان فيها للمبادئ والقيم الإنسانية، ولا تخضع للمواثيق والقوانين الدولية التي تحمي الأسير وتراعي حقوقه، حيث لا تستطيع أي منظمة معنية زيارتهم أو تفقد أحوالهم أو التحقيق فيما يرتكَب بحقّهم من تجاوزات.

إنهم الأسرى يا أبناء فلسطين، ويا أبناء الأمة العربية والإسلامية ويا أحرار العالم، ينظرون إليكم بعيونهم الحادة التي تبحث عن أمل بالخروج، وينتظرون منكم التحرك بصدق من أجل قضيتهم العادلة، لكن واأسفاه، نستطيع القول إن قضية الأسرى قد كشفت الستار عن الوجه الحقيقي للكثيرين من أدعياء الدفاع عن الأسرى ونصرة قضيتهم، أين المجتمع الدولى والمؤسسات التي تتغنى صباح مساء بما تسمى الديمقراطية وحقوق الإنسان، أين هم من المرض الذي يفتك بالإنسان الفلسطيني داخل السجون والمعتقلات!، وأين الذين يصدعون رؤوسنا بالتمسك بالأسرى والتضامن معهم!.

إن الأسرى لا خيار أمامهم سوى المواجهة بالصبر والجوع، ولا نهاية لمعركتهم سوى الانتصار الحتمي، حيث تتوالى معارك الحرية والكرامة، واَخرها الأسير هشام أبو هواش الذي يخوض معركة الإضراب عن الطعام لليوم الـ103، والأسير لؤي الأشقر لليوم الـ48، والأسير نضال بلوط لليوم الـ30 على التوالي، وما يزالون مستمرون بجوعهم حتى تحقيق مطالبهم العادلة. ومن قبلهم كان الأسيران كايد الفسفوس وعياد الهريمي قد علقا إضرابهما المفتوح عن الطعام، بعد إجبار الاحتلال على الاستجابة لمطالبهما، وتحديد موعد الإفراج عنهما.

تحاول سلطات الاحتلال كسر شوكتهم، وإفشال إضرابهم، باقتحام الغرف والمعتقلات والعبث بالمحتويات ومصادرة الأجهزة والأدوات، وقطع الكهرباء، وقمع عشرات الأسرى، وعزلهم عن العالم الخارجي، بهدف الاستفراد بهم، وترك المصابين والمرضى وعدم تقديم العلاج الكافي لهم، والتنكيل بكل الأسرى وممارسة الجريمة المنظمة بحقهم مستغلين حالة الخطر والمنع التعسفي الذي تمارسه إدارة مصلحة السجون، من خلال منع رجال الإعلام والمحامين من زيارتهم والاطلاع على أوضاعهم.

إن الواجب يحتم علينا أن نعلن تضامننا الكامل معهم، ونجسد ذلك بالفعل في بيوتنا وجامعاتنا وشوارعنا، ونعبر عن حضورهم الدائم في قلوبنا، بل في حياتنا، لعلنا نشعرهم أنهم ليسوا وحيدين في معركتهم القاسية غير المتكافئة مع السجان، ومع جدران الزنازين ومع الجوع، بل لنساند أهاليهم وأولادهم وزوجاتهم الذين يدفعون من قسوة الحياة بعيداً عن أغلى الناس وأعز الأحبة، ويرتقبون صباحاً يحمل لهم البشريات بالحرية والعودة إلى أهليهم سالمين غانمين.

بقلم: سماح حجازي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

x