بمعدات بسيطة وإمكانيات محدودة، يصارع مصنع الأدوية الوحيد في قطاع غزة إجراءات وقيود إسرائيلية وأزمات اقتصادية خانقة، خلفتها سنوات الحصار الطويلة، ليحافظ على استمرار عجلة إنتاجه.
ومنذ 2003 يواجه المصنع هجمات عسكرية وعراقيل إسرائيلية، قبل أن يزيد الحصار والأزمة الاقتصادية التي يواجهها القطاع من متاعبه، ليتوقف تطوره ويتراجع إنتاجه بنسبة 80 بالمئة.
هجمات عسكرية
يقول مروان الأسطل، مدير عام شركة الشرق الأوسط لصناعة الأدوية ومستحضرات التجميل، التي يتبع لها المصنع، إن “الهجمات الإسرائيلية على المصنع بدأت في 2003 عندما اقتحم جيش الاحتلال مقره في بلدة بيت حانون (شمال)، ومكث فيه لمدة ثلاثة شهور، دمر خلالها معدات وآليات وكميات كبيرة من المواد الخام”.
ويضيف “الأسطل”: “اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مقر المصنع بعد حادثة 2003، تسع مرات وعاثت خلالها فسادا فيه، وتسببت لنا بخسائر مادية كبيرة”.
ويشير إلى أن الجيش الإسرائيلي استهدف مقر المصنع بالصواريخ خلال حروبه على قطاع غزة في الأعوام 2008 و2012 و2014.
ويقدر “الأسطل” الخسائر المباشرة للاعتداءات الإسرائيلية على المصنع منذ العام 2003، بما يزيد عن مليون دولار.
خسائر بملايين الدولارات
ويوضح أن إسرائيل منعت منذ 2007 تصدير إنتاج المصنع من غزة إلى أسواق الضفة الغربية، “ودول أخرى مثل الجزائر التي نملك ترخيصا للعمل فيها، ليساهم هذا إلى جانب الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الفلسطينيون في القطاع بسبب الحصار، بتقليص إنتاج المصنع إلى 20 بالمئة فقط من قدرته.
ويشير إلى أن السلطات الإسرائيلية منعت في 2007 ولمدة عام ونصف توريد المواد الخام للمصنع، ما تسبب بتوقف طوال هذه الفترة، قبل أن تتدخل مؤسسات حقوقية إقليمية ودولية ويتم استئناف العمل.
وتسبب توقف مصنع الأدوية لمدة عام ونصف ومنع إسرائيل تصدير منتجاته للأسواق الخارجية، بخسائر غير مباشرة بملايين الدولارات، وبوقف تطوره، حيث كان من المخطط أن يصل عدد الأصناف التي ينتجها لما يزيد عن 200 صنف، لكن عددها حاليا يقتصر على 105 أصناف، وفق “الأسطل”.
وساهمت تلك العقبات التي يواجهها المصنع بوقف أية زيادة في عدد العاملين فيه، الذين يبلغ عددهم بالوقت الحالي 51 موظفا.
ويقول “الأسطل”، إن “إسرائيل تحارب هذا المصنع لأنها لا تريد صناعة دوائية فلسطينية باعتبارها صناعة استراتيجية ومهمة للدول”.
احتياجات السوق
ويتابع: “رغم القيود والاعتداءات الإسرائيلية والأزمة الاقتصادية في قطاع غزة التي قلصت الطلب على الأدوية، إلا أننا حافظنا على استمرار الإنتاج بمعدل شهري يبلغ 20 طنا من الأدوية المسكنة والمضادات الحيوية، والمراهم العلاجية، وسوائل علاج أمراض الجهاز التنفسي مثل السعال والرشح”.
ويشير إلى أن المصنع، الذي بدأ بالعمل في 1999، ينتج 7 أصناف دوائية لا تنتجها بقية المصانع الفلسطينية بالضفة الغربية أو المصانع بإسرائيل.
وفي ظل القيود التي تفرضها إسرائيل على توريد الأدوية لغزة، منذ بداية الحصار قبل نحو 12 عاما، فإن المصنع يقدم بدائل دوائية زهيدة الثمن للعديد من الأصناف المستوردة، ويغطي 12 بالمئة من احتياجات السوق المحلية بالقطاع.
المواد الخام
من جانبه، يقول سامي التعبان، مدير المستودعات بالمصنع، إن “استيراد المواد الخام أكبر مشكلة يواجهها المصنع بالوقت الحالي، لأن أي مادة تحتاج إلى موافقات من وزارتي الصحة والبيئة بإسرائيل، ومن الجيش الإسرائيلي”.
ويضيف التعبان في حواره: “استيراد المواد الخام يستغرق من 6 شهور لسنة كاملة، بسبب الصعوبات التي تفرضها إسرائيل على هذه العملية”.
ويشير إلى أن المصنع يضطر إلى استيراد كميات كبيرة من المواد الخام في كل مرة تسمح له إسرائيل بذلك، حتى يضمن استمرارية عمله.
ويوضح أنه ينتج عن ذلك فساد وانتهاء صلاحية كميات كبيرة من تلك المواد، ما يعرض المصنع لخسائر مادية فادحة.
ويبين التعبان أن إسرائيل تمنع بشكل نهائي توريد 15 صنفاً من المواد الخام التي تدخل في صناعة نحو 20 صنفا من الأدوية.
اقتصاد غزة
تعاني غزة أوضاعاً اقتصادية متردية للغاية، جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ أكثر من 12 عاماً، عقب فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية، عام 2006.
في السياق نفسه، يقول جمال الخضري، رئيس “اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار”، عن قطاع غزة (غير حكومية) لمراسل الأناضول، إن “الحصار الإسرائيلي يستهدف بشكل أساسي الاقتصاد من خلال استهداف القطاعين الصناعي والتجاري”.
وبحسب الخضري، فإن هناك انهيار اقتصادي كامل في غزة يتطلب مشروعات جديدة ودعم المشروعات القائمة ودعم القطاع الخاص.
ويشير إلى أن إسرائيل تمنع دخول 200 سلعة إلى غزة؛ وتتضمن قائمة هذه السلع المواد الخام اللازمة لتشغيل عشرات من المصانع بالقطاع.
ولفت إلى أن 250 ألف عامل في غزة، عاطلون عن العمل بسبب إغلاق 95 بالمئة من المصانع بالقطاع.
وفي تقرير لاتحاد الصناعات الفلسطيني (غير حكومي) نشره العام الماضي، أفاد فيه بأنه تم تسريح 70 بالمئة من العاملين في القطاع الصناعي، بفعل الحصار وإغلاق المعابر ومنع إدخال المواد الخام.
المصدر: الأناضول