تواجه إسرائيل معضلة خطيرة حول الوضع الحالي في قطاع غزة، وخاصة السلوك الذي يُفترض أن تتبعه تجاه حماس، رغم أنها تسعى إلى توفير تهدئة أمنية هناك من خلال التوصل إلى تسوية مع حماس مقابل تخفيف الحصار عن غزة، لكن هذه التسوية تتطلب إبقاء حماس قادرة على حكم غزة والسيطرة على الجماعات المسلحة التي لا تريد الانضمام إلى هذه التسوية، أو على الأقل عدم إحباطها، وفقًا لدراسة بحثية.
وتشير الدراسة التي أعدها الباحثان الإسرائيليان كوبي ميخائيل ويوهانان تسوريف التي نشرها معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب، إلى أن “حماس قد تعلمت لسنوات عديدة التحديات التي تواجهها إذا أرادت الجمع بين المسلحة المقاومة ضد إسرائيل من ناحية، ومن ناحية أخرى عن طريق إدارة الحكومة المدنية للفلسطينيين، وتوفير احتياجاتهم المعيشية والاقتصادية”.
وقال ميخائيل، الرئيس السابق لقسم الأبحاث الفلسطينية في وزارة الشؤون الاستراتيجية، والمتخصصة في الحرب، أنه بعد حرب غزة بذلت حماس جهودًا كبيرة لإنشاء قنوات اتصال مع عدد من العواصم الإقليمية والدولية، لكن في الوقت نفسه، لا توجد مشكلة لديها بإنجاز تفاهمات آنية معها.
وأضاف، حماس تريد أن تجمع ما يبدو أنه متناقض، عدم التنازل عن المقاومة المسلحة ضد إسرائيل من ناحية، ومن ناحية أخرى لتخفيف الحصار عن غزة وإحياء وضع الفلسطينيين الذين يحتاجون إلى تطوير البنية التحتية، وزيادة إمدادات المياه والكهرباء والصرف الصحي، ووضع حد للبطالة عن طريق فتح الوظائف.
وأشار إلى أن حماس تستخدم لتفعيل الضغط الشعبي الفلسطيني في قطاع غزة على إسرائيل، من خلال مسيرات أسبوعية على الحدود الشرقية لقطاع غزة، ولكن في الوقت نفسه ما زالت باقية في تصعيد مسلح ضد إسرائيل، لكن خروج عدد من الجماعات المسلحة التي أطلقت صواريخ من غزة دون موافقة حماس قد تطلق العنان للحديث عن ضعف الحركة.
وقال تسوريف الباحث في المعهد الإسرائيلي، إن هذه المؤشرات تطرح السؤال: هل ضعف حماس يخدم إسرائيل استعدادًا لعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، مع وجود شكوك حول موافقتها، في إطار عاملين: الأول هو عدم وجود انفراج سياسي متفاوض عليه مع إسرائيل، والآخر أن يفسر الفلسطينيون أن السلطة عادت إلى غزة على ظهر دبابة إسرائيلية، مما يجعل هذه الفرضية خيالية وغير قابلة للتطبيق.
وأفادت الدراسة بأن كل هذا الواقع مع حماس في غزة يقدم لإسرائيل ثلاثة سيناريوهات منطقية واقعية للحركة: أولاً استمرار الواقع أمام حماس في قطاع غزة لا يعني تصعيدًا أو هدوءً، بل تصعيدًا يتبعه الهدوء، وما إلى ذلك.
السيناريو الثاني هو تصعيد عسكري تدريجي ضد حماس في غزة، وإمكانية تحويلها إلى حرب شاملة، والثالث هو التوصل إلى تفاهمات مع حماس، على غرار التفاهمات الجارية اليوم من قبل القطريين والمصريين والدوليين، ولكن يمكن تعميمها وتوسيع نطاقها في الوقت المناسب.
المصدر: وكالات