شاهد فيلم صالون هدى كامل قبل الحذف. وفي بعض الأحيان تكون الدعوة إلى الالتزام بالخصوصية الثقافية دعوة للتعتيم والتغطية على العار المجتمعي الحقيقي الشائع في المجتمعات بشكل عام. ويمكن القول أن هذا بالضبط ما حدث في حالة الأصوات المعترضة التي أثيرت في الأوساط الفلسطينية بسبب مشهد تعري لإحدى بطلات فيلم “صالون هدى” للمخرج هاني أبو أسعد، والذي أثير الجدل حوله مؤخرًا.
ورغم أن المشهد تم تصويره ضمن إطار درامي محدد لإبراز فداحة وقبح عملية الابتزاز الجنسي التي تتعرض لها المرأة الفلسطينية لتقع في فخ العمل لدى الاحتلال. إلا أن كل من يتابع تعليقات المعترضين على الفيلم التي ضجت بمواقع السوشال ميديا، سيلاحظ أنها كلها تعليقات تلوم مخرج الفيلم على فعل ذلك. تم تصوير هذا المشهد انطلاقاً من ضرورة الالتزام بالخصوصية الثقافية للمجتمع الفلسطيني، وطبيعته المحافظة والحساسة عندما يتعلق الأمر بالمرأة الفلسطينية وقضاياها.
فيلم صالون هدى كامل قبل الحذف
والاعتراضات التي يبنيها هؤلاء على أساس ضرورة الالتزام بالخصوصية الثقافية في حالة فيلم مثل “صالون هدى” الذي هو في الأساس عمل فني إبداعي، هي اعتراضات تحتاج إلى وقفة للتأمل والتفنيد ما يدعون إليه، ليس فقط من منطلق وصف الأفلام بأنها أعمال فنية إبداعية بشكل عام. ولكن بناءً على المواضيع الأساسية التي نقلها الفيلم وجاء للدفاع عنها.
بداية، من خلال تسليط الضوء على هذه الاعتراضات من منطلق وصف الأفلام بأنها أعمال فنية إبداعية بشكل عام، يمكن القول إن الأصوات المعترضة على الفيلم من زاوية هذا المشهد تحتوي في داخلها هجوماً على المنتج الفني الإبداعي في عامة، حيث يقومون بتثبيت ما يسمونه الخصوصية الثقافية للمجتمعات كرقيب وأمين. وعلى هذا المنتج يأتي ليفرض ما هو صحيح وما هو غير صحيح، وما هو واجب وما هو غير واجب.
قصة صالون هدى
وليس من المستغرب أن تمتد هذه الاعتراضات لتشمل منتجات إبداعية أخرى كالروايات والشعر وغيرها. رواية “جريمة في رام الله” على سبيل المثال، هي رواية حوكمت تحت وطأة هذه الاعتراضات التي اعتمدها الإطار الرسمي في فلسطين آنذاك. ومن خلال دحض هذه الاعتراضات من منظور المحاور الرئيسية للفيلم، يمكن القول أن الفيلم يقدم قصة مستوحاة من أحداث حقيقية لأساليب الابتزاز الجنسي التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي من أجل وقوع المرأة الفلسطينية في فخ الابتزاز الجنسي. العمل والتواصل معه.
ويحكي قصة هدى، صاحبة صالون تجميل، التي جندها الاحتلال -باستغلال حادثة خيانتها لزوجها- لإجبار النساء الفلسطينيات على العمل عبر أسلوب الابتزاز الجنسي الذي يتضمن تخديرهن. وتصويرهما عراة مع رجل يبدو أنه على علاقة بهما. الفيلم يحكي قصة هدى مع ريم. وهي المرأة المتزوجة التي استدرجتها وابتزازها جنسياً في محاولة لتوظيفها. كان ذلك قبل يوم من اعتقالها واحتجازها على يد ما يظهر في الفيلم باسم المقاومة الفلسطينية.
ومن المواضيع الأساسية التي ينقلها الفيلم، سواء في عرضه لقصة هدى أو ريم، هو موضوع نظام الهيمنة الذكورية، الذي يأتي كنظام شريك ومتواطئ في عملية إسقاط المرأة الفلسطينية في كثير من الأحيان. والمقصود بنظام الهيمنة الذكورية هو النظام الأبوي البطريركي الذي تعيش في ظله المرأة الفلسطينية. يستخدم قيوده الكثيرة للحكم عليها وربط جسدها بمفاهيم الشرف وغيرها.