غزة تايم – قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن إسرائيل دفعت خلال عطلة نهاية هذا الأسبوع ثمن تجاهلها للبديهيات، خاصة وأن وضعها هش في مقابل الفصائل الفلسطينية في غزة، رغم قوة جيشها الضاربة.
وفي مقال لمراسلها بيوتر سمولار، قالت لوموند إن إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة توصلوا إلى وقف هش لإطلاق النار لا يغير شيئا بعد مقتل 23 مدنيا فلسطينيا وأربعة إسرائيليين، وبعد إطلاق ما يقارب 690 قذيفة (صواريخ وقذائف هاون) من غزة.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا العدد من القتلى الإسرائيليين لم يسبق له مثيل منذ حرب صيف 2014، التي قتل فيها ستة مدنين إسرائيليين و67 جنديا إسرائيليا مقابل أكثر من 2200 فلسطيني، مما يعني أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يجد نفسه بعد خمس سنوات في مواجهة تناقضات إدارته الأمنية البحتة لقضية غزة، كما يقول المراسل.
ولخص المراسل إدارة نتنياهو للقضية في أنها تتركز على تجنب الحرب والدخول في مغامرة دون نصر، مع عدم تحمل سلام متفاوض عليه، وأوضح أن الهدنة الهشة التي دخلت حيز التنفيذ فجر اليوم الاثنين لا تغير شيئا، وإن كانت تسمح لإسرائيل برفع القيود عن التنقل في الجنوب وإعادة فتح المدارس.
آليات التصعيد
ويضيف المراسل أنه على الرغم من أن القتلى الإسرائيليين كانوا في مناطق مختلفة، وأن صفارات الإنذار ظلت تعمل دون توقف في جنوب إسرائيل، فإن الفصائل الفلسطينية لم تستخدم صواريخها البعيدة المدى، واكتفت برد يعكس مدى التصعيد الإسرائيلي.
وذكر المراسل عددا من المنشآت من ضمن 350 هدفا قال إن الجيش الإسرائيلي هاجمها في قطاع غزة، بما ذلك العديد من المباني في المناطق المأهولة بالسكان، مشيرا إلى أن هيئة الأركان العامة أمرت باستهداف منازل العديد من القادة، وأنه تم تدمير مكاتب رئيس الأمن الوقائي توفيق أبو نعيم.
غير أن الأمر الذي بدا للمراسل أهم من كل هذا هو استئناف إسرائيل سياسة الاغتيالات المستهدفة التي ظل صقور الجناح اليميني يطالبون بها منذ شهور، واعتبر أن استهداف سيارة حامد الخضري (34 عاما)، الذي قال بيان للجيش إنه “المسؤول عن التحويلات المالية من إيران” إلى حماس والجهاد الإسلامي، كان رسالة تحذير واضحة للفصائل دون استهداف مسؤول كبير.
وأفاد المراسل بأن إسرائيل كانت تدرس سيناريو يتركز على قصف جوي دون تدخل بري، مثل حرب نوفمبر/تشرين الثاني 2012، التي لجأت خلالها للاغتيال المستهدف، إلا أن قدرات الفصائل التي أصبحت أقوى حالت دون ذلك.
ويضيف أن العام الجاري أيضا شهد وقوع حلقات عدة من القتال المتحكم فيه، مشيرا إلى أن السيناريو نفسه يحدث كل مرة، وهو المتمثل في إطلاق صواريخ من غزة مقابل حملة من الغارات الجوية الإسرائيلية عليها، بعدها يتراجع الخصمان بفضل عمل المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام نيكولاي ملادينوف والوسيط المصري الذي ظل يعمل يوم الأحد وراء الكواليس، لانتزاع الهدنة في النهاية.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، رفع كل طرف من مدى قوته العسكرية، حتى لا يمنح خصمه الشعور بالقوة، كما يقول المراسل، موضحا أن العلاقة بين إسرائيل وحماس والقائمة على عدم الثقة والتسويات وراء الكواليس والوعود الكاذبة والحسابات المغالطة، ليس لها سوى هدف واحد هو كسب الوقت.
وخلص المراسل إلى أنه لا أحد يسعى حقيقة لتغيير شروط هذه المعادلة التي تفرض على مليونين من سكان غزة العيش في محنة وعوز، وعلى الإسرائيليين الخوف الدائم من سقوط الصواريخ على مناطق سكناهم.
شبه المراسل قطاع غزة بمريض في وضع متدهور يحصل من وقت لآخر على بلسم يتلاشى مفعوله بعد وقت قصير، مشيرا إلى أن نتنياهو في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 قبل نقل مساعدات مالية من قطر للقطاع تفاديا لتفجّر الوضع، ولكن منع نقل هذه المساعدات من جديد أدى إلى حالة من التوتر الشديد.
المصدر : الجزيرة,لوموند