ما من أدنى شك أن الكفاح المسلح من داخل فلسطين بلغ ذروته واستنفذ كل ما في جعبته، ولم يعد من المنطق التفكير باللجوء إليه لاسترداد أي حق فلسطيني، فالفجوات بيننا وبين أعدائنا بات من الواضح أنها كبيرة وكبيرة جدا وزمن المعجزات أيضًا قد ولي.
اذن ما البديل؟
بدلا من التوهّم بأن السلاح وحده سيعيد الحقوق الوطنية، نحن بحاجة إلى مشروع سياسي واقعي ذكي ومؤسسي، قيادة حكيمة لا تلهث وراء المصالح الضيّقة ولا تفسد نفسها بفساد داخلي، تستطيع أن تُحوّل القضية الفلسطينية من ساحة احتدامٍ عسكري إلى قضية قانونية ودبلوماسية وسياسية لا تُقاوم على المستوى الدولي. هذا ليس تنازلاً عن الحقوق، بل هو تكتيك أقوى وأكثر تأثيرًا لاستعادتها.
ما المطلوب عمليًا من هذه القيادة الحكيمة؟ خلاصة المطالب التي يجب أن تتبنّاها الحركة الوطنية اليوم يمكن اختصارها في نقاط عملية ومترابطة:
وحدة وطنية حقيقية لا حمساوية فتحاوية: دون توافق داخلي يعبّر عن تمثيل فلسطيني جامع، ستظل أي مكاسب دبلوماسية هشة ومحلّ هجوم. الوحدة ليست شعارًا بل مشروع.
محاربة الفساد والشفافية: لا يمكن للخطاب الدولي أن يقبل ممثلي شعب يُتهمون باختلاس الحقوق أو تسييس المساعدات. مؤسسات شفافة ومساءلة داخلية، هي مفتاح بناء مصداقية تُترجَم إلى دعم دولي حقيقي.
استراتيجية دبلوماسية متعددة المستويات: تعبئة المنظمات الدولية، التعاون مع حلفاء تقليديين وجدد، الضغط من خلال ساحات القانون الدولي والمؤسسات المتعددة الأطراف، وتنسيق الجهد مع الجاليات الفلسطينية والداعمين حول العالم.
خريطة خطوات واضحة ومعلنة للعالم: برنامج زمني وسياسات محددة تُبيّن كيف ستنتقل السلطة إلى دولة فعّالة ومساءلة. الشفافية في الخطط تُولّد ثقة وتُسهّل تحالفات جديدة.
ختاما دعونا من الكلام الذي يدغدغ العواطف ولنعترف بواقعنا لنبني من خلاله مستقبلنا ان شاء الله.
رئيس التحرير: محمد جبريل
