اتهم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الولايات المتحدة بالسعي إلى إشعال الحرب وتنظيم انقلاب في بلاده، بهدف السيطرة على ثرواتها الطبيعية الضخمة، وعلى رأسها النفط والغاز والمعادن النادرة، وذلك خلال كلمة ألقاها في اختتام المنتدى البرلماني لمنطقة الكاريبي الكبرى الذي استضافته العاصمة كاراكاس، وفق ما نقلته وكالة سبوتنيك الروسية.
وقال مادورو في كلمته: «لقد حاولت الولايات المتحدة شن حرب ضد فنزويلا وتنظيم انقلاب وسرقة احتياطياتنا الهائلة من النفط والغاز. لو لم تكن لدينا هذه الموارد، إضافة إلى الذهب والمياه وملايين الهكتارات من الأراضي الخصبة وموقعنا الجغرافي الاستراتيجي، لما تحدث أحد عنا أساسًا». وأضاف أن الشعب الفنزويلي تمكن من “استعادة ذاته مجددًا” وصمد أمام ما وصفه بـ”موجة التهديدات القاتمة” التي واجهتها البلاد في الأشهر الأخيرة.
المنتدى، الذي ترأسه رئيس الجمعية الوطنية خورخي رودريغيز، شارك فيه ممثلون عن 14 دولة من منطقة الكاريبي وأمريكا اللاتينية، من بينها كوبا، نيكاراغوا، كولومبيا، بليز، غرينادا، المكسيك، البرازيل، الأوروغواي وهندوراس، وتركزت مناقشاته على سبل تعزيز السلام الإقليمي والتعاون البرلماني والدبلوماسي.
وأكد رودريغيز، في كلمته الافتتاحية، أن الاجتماع يأتي في “مرحلة تاريخية حساسة” تشهد فيها المنطقة “أبشع عدوان تتعرض له منذ 150 عامًا”، مشيراً إلى أن فنزويلا تواجه ضغوطاً سياسية واقتصادية وإعلامية غير مسبوقة. واتهم رودريغيز الولايات المتحدة بإشعال النزاعات العسكرية في حوض الكاريبي، قائلاً إن “الأسطول الأمريكي يرتكب عمليات قتل خارج القانون في مياه المنطقة استنادًا إلى الأكاذيب والتلفيقات”.
ودعا المسؤول الفنزويلي إلى تفعيل “دبلوماسية السلام” وتجديد الالتزام بإعلان هافانا لعام 2014، الذي نصّ على جعل منطقة الكاريبي خالية من الأسلحة النووية ومحمية من أي تدخل خارجي. وأشار إلى أن احترام سيادة الدول يمثل شرطاً أساسياً لضمان الاستقرار الإقليمي والتنمية المشتركة.
وفي السياق نفسه، أدان ممثلو الدول المشاركة في المنتدى ما وصفوه بـ”العدوان الخارجي والتدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة”، مؤكدين دعمهم لحق فنزويلا في الدفاع عن استقلالها ووحدة أراضيها.
من جانبها، ذكرت وسائل إعلام أمريكية وأوروبية أن الولايات المتحدة نفذت في سبتمبر وأكتوبر الماضيين عمليات عسكرية محدودة قرب السواحل الفنزويلية، استهدفت قوارب قالت إنها تُستخدم في تهريب المخدرات. غير أن تقارير دبلوماسية أشارت إلى أن واشنطن تدرس خيارات “أوسع” قد تشمل تنفيذ ضربات داخل الأراضي الفنزويلية، بذريعة مكافحة شبكات الجريمة المنظمة.
وردّت كاراكاس على هذه التحركات بوصفها استفزازاً خطيراً يهدف إلى زعزعة استقرار البلاد والمنطقة بأكملها، معتبرة أن ذلك يمثل انتهاكاً صارخاً للاتفاقيات الدولية التي تضمن الطابع المنزوع السلاح لمنطقة الكاريبي.
وتأتي هذه التصريحات في وقتٍ تتصاعد فيه حدة التوتر بين واشنطن وكاراكاس، خاصة بعد أن أعلنت الولايات المتحدة إعادة فرض عقوبات نفطية جديدة على فنزويلا بسبب ما وصفته بانتهاكات لحقوق الإنسان وتأجيل الانتخابات. ويرى مراقبون أن الخطاب الأخير لمادورو يعكس تصعيداً سياسياً وإعلامياً متعمداً يهدف إلى حشد الدعم الداخلي والإقليمي لمواجهة الضغوط الأمريكية، في حين تؤكد واشنطن أنها تواصل دعم “التحول الديمقراطي” في فنزويلا.





