بعد النار والدمار.. غزة تستعد لـ”معركة الإعمار”

كازم كازم30 أكتوبر 2025
بعد النار والدمار.. غزة تستعد لـ"معركة الإعمار"
بعد النار والدمار.. غزة تستعد لـ"معركة الإعمار"

لم تعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة مجرّد معركة عسكرية انتهت، بل تحوّلت إلى عملية محو شبه كامل لمنطقة جغرافية. فالحديث اليوم لا يدور عن إصلاح ما تهدّم، بل عن ولادة جديدة من تحت ملايين الأطنان من الركام، في واحدة من أعقد عمليات إعادة الإعمار في التاريخ الحديث، والتي تُقدّر تكلفتها بتريليونات الدولارات وتتطلب إرادة دولية غير مسبوقة.

خطة هندسية لتقييم الأضرار وفتح الطرق

في الوقت الذي تواصل فيه الفرق الهندسية والوفود الدولية تقييم حجم الكارثة، ترتفع تقديرات التكاليف والمدة الزمنية اللازمة لإعادة الحياة إلى غزة. وتشمل المهام الأولية إزالة الأنقاض، وتوفير المأوى للنازحين، وإعادة بناء البنية التحتية والاقتصاد المحلي.

المهندس زهير العمري، رئيس مجلس إدارة الهيئة العربية الدولية لإعمار فلسطين، أوضح في تصريح خاص لـ”إرم نيوز” أنّ الهيئة بدأت عملها منذ اليوم الأول بعد وقف إطلاق النار، عبر فتح الطرقات وإزالة الأنقاض لتمكين السكان من التنقّل والوصول إلى الأسواق والمستشفيات.

وقال العمري إنّ الخطة الهندسية للمرحلة المقبلة تركز على حصر وتقييم الأضرار من خلال نحو 320 فرقة هندسية تضم 700 مهندس وفني، مضيفاً أن التقارير النهائية ستصدر بعد ثلاثة أشهر من بدء العمل.

وفي ما يتعلق بأزمة الإيواء، أكّد العمري أنّ الهيئة تجهّز مخيمات مؤقتة تتضمن خياماً ووحدات صحية وطرقات مناسبة، إلى جانب تأمين المياه الصالحة للشرب، مشيراً إلى أنّ خطة الإيواء ستستمر ثلاث سنوات على الأقل، ولن يتمكّن من فقد منزله من العودة إليه قبل انتهاء هذه المدة.

رؤية اقتصادية دولية

على الصعيد الاقتصادي، طرح الخبير الأمريكي جوزيف بولزيمان نموذجاً وصفه بـ”الثوري” لإعادة إعمار القطاع، يقوم على اتفاقية تأجير واستثمار طويلة الأمد شبيهة بنموذج البناء والتشغيل والنقل (BOT) المتبع في مشاريع صينية بأفريقيا.

وقال بولزيمان في حديثه لـ”إرم نيوز” إنّ نجاح الخطة مشروط بنزع السلاح الكامل من القطاع وتوفير حوافز استثمارية ضخمة لجذب رؤوس الأموال الخليجية، مشيراً إلى أنّ المشروع يقوم على عقود قانونية مع السلطة المحلية فقط، دون إشراك حركة حماس “لأنها لا تملك أي حقوق ملكية”، على حد قوله.

وكشف الخبير الاقتصادي أنّ غالبية أراضي غزة هي أراضٍ عامة بحسب السجلات العثمانية والبريطانية، مؤكداً أن المستثمرين سيُمنحون حقوق تشغيل مؤقتة ضمن إطار استثماري تشرف عليه دول مجلس التعاون الخليجي.

مراحل التنفيذ والتكلفة التقديرية

وبيّن بولزيمان أن المرحلة الأولى من المشروع تتركز على إزالة الأنفاق ومخلفات الحرب والقنابل غير المنفجرة، باستخدام معدات صينية متطورة. وتشمل الخطة تطوير ثلاثة قطاعات رئيسية: السياحة، الزراعة، والتكنولوجيا المتقدمة، على مدى خمسين عاماً بتكلفة تتراوح بين تريليون وتريليوني دولار.

نزع السلاح شرط للاستثمار

وشدّد بولزيمان على أنّ نزع السلاح الكامل شرط أساسي لجذب الاستثمارات، قائلاً إنّ أي نشاط عسكري سيُفقد المستثمرين الثقة ويُعرّض المشروع للفشل. وأضاف أنّ جعل غزة منطقة آمنة ومستقرة سيحوّلها إلى مركز اقتصادي مزدهر في الشرق الأوسط، إذا ما توفّرت الإرادة الدولية والدعم المالي الكافي.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.