نتنياهو في مأزق.. هل تُنهي خطة ترامب حرب غزة أم تُعقّدها؟

كازم كازم2 أكتوبر 2025
نتنياهو في مأزق.. هل تُنهي خطة ترامب حرب غزة أم تُعقّدها؟
نتنياهو في مأزق.. هل تُنهي خطة ترامب حرب غزة أم تُعقّدها؟

تشهد الساحة السياسية الإسرائيلية حالة من الجدل المتصاعد عقب طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته لإنهاء الحرب الدائرة في غزة، إذ يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه أمام معضلة صعبة تجمع بين الضغوط الدولية والاعتبارات السياسية والأمنية الداخلية. وبحسب صحيفة هآرتس العبرية، فإن الخطة التي أعلن ترامب تفاصيلها تُعد غامضة وغير واضحة من حيث آليات التنفيذ، وهو ما يمنح نتنياهو مساحة واسعة لإدارة الموقف وفق مصالحه، دون التزام صارم ببنودها.

تشير الخطة إلى وقف العمليات الهجومية بشكل فوري عقب موافقة الطرفين، يلي ذلك إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين خلال 72 ساعة، لكن الخبراء يرون أن هذا الشرط قد لا يكون واقعيًا في ظل صعوبة تأكيد حماس امتلاكها لجميع الرهائن أو تحديد أماكن القتلى منهم. كما لم تحدد الخطة هوية الأسرى الفلسطينيين الذين ستفرج إسرائيل عنهم، الأمر الذي قد يخلق توترًا مع الحركة إذا تم رفض إطلاق سراح شخصيات فلسطينية بارزة، مما يمنح نتنياهو هامش مناورة سياسي دون أن يظهر بمظهر المعرقل.

الصحيفة لفتت أيضًا إلى أن مصير قيادات حماس في غزة يبقى من أكثر القضايا تعقيدًا، إذ تشترط الخطة بقاءهم في إطار “التعايش السلمي ونزع السلاح”، وهو ما تعتبره إسرائيل تنازلًا استراتيجيًا صعب القبول. مصادر حكومية إسرائيلية أكدت أن نتنياهو قد يفضل استمرار العمليات العسكرية على أي تسوية تسمح ببقاء القيادة السياسية لحماس في القطاع، خصوصًا وأنه صرّح من البيت الأبيض بأن إسرائيل لن تتردد في “إكمال مهمة” القضاء على الحركة إذا لم تلتزم بالاتفاق.

من ناحية أخرى، يُجمع مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية على أن نتنياهو لا يستطيع إعلان رفضه المباشر للخطة في المرحلة الراهنة، مما يجعل من غموض نصوصها أداة سياسية بيده لإدارة الموقف والتسويف، مع إمكانية تطبيق جزئي أو انتقائي للبنود بما يخدم مصالح تل أبيب. وتأتي تصريحات قطر حول احتمال مطالبة حماس بتعديلات إضافية لتزيد من مساحة المناورة أمام إسرائيل، وتفتح الباب أمام جولات جديدة من التفاوض غير الحاسمة.

ويرى مقربون من نتنياهو أن بنودًا مثل نقل إدارة غزة إلى السلطة الفلسطينية لن تجد طريقها إلى التطبيق العملي، حيث يؤكد سكرتير مجلس الوزراء يوسي فوكس أن السلطة لن تكون قادرة على تحمل هذه المسؤولية. ومع ذلك، تعتبر إسرائيل أن الخطة تحمل إنجازًا سياسيًا مهمًا يتمثل في احتمال استعادة الرهائن دفعة واحدة، وهو ما لم تنجح أي مبادرة سابقة في تحقيقه منذ بداية الحرب.

ورغم أن الخطة تُلزم إسرائيل بتنفيذ بعض البنود حتى في حال رفض حماس الالتزام، فإن غياب جداول زمنية واضحة ومعايير لقياس مدى التقدم يجعل من السهل على نتنياهو التلويح بالرفض أو التأجيل. أما الموقف الثابت للحكومة الإسرائيلية الرافض لإقامة دولة فلسطينية، فيتوافق إلى حد كبير مع روح الخطة التي طرحها ترامب، ما يمنح إسرائيل فرصة لكسب مكاسب استراتيجية دون الدخول في تنازلات جوهرية.

في النهاية، يُظهر تحليل خطة ترامب أنها نص غامض يتيح لإسرائيل هامشًا واسعًا للتحكم بالمسار التنفيذي، بينما يظل نتنياهو في قلب المعادلة أمام خيارين متناقضين: إما الدخول في التزام قد يفرض عليه تنازلات حساسة، أو الاستمرار في سياسة التسويف والتجزئة مع الحفاظ على المصالح الأمنية والسياسية لإسرائيل، فيما يترقب المجتمع الدولي إن كانت هذه الخطة ستنهي حرب غزة أم تزيدها تعقيدًا.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.