غزة تحت الحصار والقصف: التعليم في قلب المأساة
في قلب الحصار والعدوان، تقف غزة شاهدة على واحدة من أبشع المآسي الإنسانية في العصر الحديث. فإلى جانب فقدان الأرواح ودمار البنية التحتية، طال العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 7 أكتوبر 2023 ركيزة أساسية في المجتمع الفلسطيني: التعليم.
لم يعد الاستهداف مقتصرًا على المنشآت العسكرية أو المرافق الحيوية، بل أصبح التعليم ذاته ساحة حرب مفتوحة، حيث يتعرض الطلبة والمعلمون، والمدارس والجامعات، لحرب ممنهجة تهدف إلى ضرب حاضر غزة ومستقبلها.
أرقام صادمة: دمار شامل للمؤسسات التعليمية
تشير الإحصاءات إلى حجم كارثي للدمار الذي لحق بالبنية التعليمية:
- 286 مدرسة حكومية تعرضت للقصف والتخريب.
- 65 مدرسة تابعة لوكالة الأونروا تم استهدافها.
- نحو 90% من المنشآت التعليمية في قطاع غزة تضررت أو دُمّرت، بحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
- أكثر من 625 ألف طالب وطالبة حُرموا من حقهم في التعليم.
ما تبقى من المدارس تحوّل إلى مراكز إيواء للنازحين، لتفقد وظيفتها التربوية، وتُستخدم كملاجئ مؤقتة في ظل دمار واسع النطاق.
التوجيهي خارج غزة لأول مرة: جيل بلا امتحان
في سابقة تاريخية مؤلمة، يُحرم أكثر من 39 ألف طالب وطالبة من تقديم امتحانات الثانوية العامة (التوجيهي) داخل قطاع غزة، فيما تُعقد الامتحانات في الضفة الغربية فقط.
هذه الواقعة تمثل ضربة قاسية لأبناء غزة، وتُجسد حجم الفجوة التعليمية الناتجة عن استمرار العدوان، حيث بات الحلم بإكمال التعليم رفاهية مفقودة وسط القصف والتشريد.
الدمار النفسي والعاطفي: حرب من نوع آخر
ليست البنية التحتية وحدها من تنهار تحت الحرب، بل النفوس والعقول أيضًا. الأطفال والمعلمون في غزة يعيشون تحت ضغط نفسي هائل:
- معاناة من الاكتئاب، القلق، واضطرابات ما بعد الصدمة.
- ضعف القدرة على التركيز والتحصيل الدراسي.
- انعدام البيئة الآمنة التي تتيح العودة للمدرسة.
تؤدي هذه العوامل إلى أزمة تربوية عميقة، تنذر بجيل كامل يعاني من آثار الحرب النفسية والاجتماعية لفترة طويلة قادمة.
النزوح والجوع وتفشي الأمراض: عوائق مضاعفة أمام التعليم
إلى جانب القصف والدمار، يعاني أطفال غزة من واقع معيشة قاسٍ يشمل:
- نقص الغذاء والمياه والرعاية الصحية.
- تجربة نزوح مأساوية مع آلاف العائلات التي فُقدت بيوتها.
- تفشي الأمراض داخل مراكز الإيواء.
- تراجع الصحة الجسدية والعقلية، ما يعيق قدرتهم على التعلم والانخراط في الدراسة.
إسرائيل وحرب التجهيل: سياسة ممنهجة لضرب المستقبل
استهداف التعليم في غزة ليس مصادفة، بل يأتي ضمن سياسة تجهيل ممنهجة تهدف إلى:
- شلّ التنمية الفكرية والإنسانية للشعب الفلسطيني.
- إضعاف الوعي الجمعي والمجتمعي لدى الأجيال القادمة.
- فرض واقع الجهل كأداة من أدوات السيطرة والاستعمار.
- الاحتلال الإسرائيلي يُحوّل التعليم إلى جبهة صراع، بهدف حرمان الفلسطينيين من أدوات النهوض والمقاومة السلمية.
مناشدة للمجتمع الدولي: أنقذوا تعليم غزة
يجب أن يُدرِك العالم أن إعادة بناء منظومة التعليم لا تقل أهمية عن إعادة إعمار الحجر، وأن التعليم في غزة هو طوق النجاة الوحيد لجيل يعيش تحت النار.
المطلوب اليوم:
- وقف فوري لإطلاق النار وإنهاء العدوان.
- إعادة تأهيل وترميم المدارس والجامعات بدعم دولي فاعل.
- توفير برامج دعم نفسي واجتماعي للطلبة والمعلمين.
- ضمان بيئة تعليمية آمنة ومستقرة تسمح باستئناف العملية التعليمية.
التعليم أمل غزة الوحيد
رغم الحصار والدمار، يظل التعليم في غزة شعلة الأمل المضيئة وسط الظلام، وأداة الفلسطينيين الوحيدة للنجاة من الفقر والتطرف والتهميش.
الوقوف إلى جانب أطفال غزة ليس مجرد تضامن، بل واجب أخلاقي وإنساني يقع على عاتق المجتمع الدولي بأسره.
🔸 غزة تايم | معكم أولًا بأول