تواجه أسواق الذهب في الأردن حالة من الركود غير المسبوق بعد الارتفاعات القياسية التي شهدتها أسعار المعدن الأصفر في الفترة الأخيرة. فقد سجل الذهب أسعاراً استثنائية في السوق المحلية، مما أدى إلى تراجع كبير في حركة البيع والشراء، حيث انخفض الإقبال على شراء الذهب إلى أدنى مستوياته مقارنة بالأعوام السابقة، بما في ذلك خلال مواسم الأعياد التي كانت عادةً تشهد نشاطاً ملحوظاً.
أسباب الركود
يعود الركود في السوق إلى عدة عوامل اقتصادية، أبرزها الارتفاع الحاد في أسعار الذهب، إلى جانب الضغوط الاقتصادية التي أثرت في القدرة الشرائية للمواطنين، ما دفع العديد منهم إلى تأجيل شراء الذهب أو الاستثمار فيه.
نقيب أصحاب محلات بيع الحلي والمجوهرات، ربحي علان، أكد في تصريح، أن الطلب على الذهب يشهد انخفاضاً حاداً، إذ تكاد تكون عمليات الشراء معدومة، ولم تشهد المحلات موجات بيع واسعة كما كان متوقعاً نتيجة الارتفاع الكبير في الأسعار. وأوضح أن الإقبال على الذهب هذا العام ضعيف جداً مقارنة بالسنوات السابقة، حيث كان الإقبال عليه في الأعياد والمناسبات أعلى بكثير.
عوامل اقتصادية تؤثر في السوق
على الرغم من أن ارتفاع أسعار الذهب يعد السبب الرئيسي لتراجع الإقبال عليه، فإن هناك عوامل أخرى تساهم في هذه الظاهرة. من أبرز هذه العوامل محدودية الدخل وارتفاع تكاليف المعيشة، مما يؤدي إلى ضغوط مالية متزايدة على المواطن الأردني. هذه الضغوط جعلت الأولويات المعيشية تتفوق على فكرة الاستثمار في الذهب، حتى في المناسبات الكبرى مثل الزواج والخطوبة، التي كانت تشهد في السابق إقبالاً أكبر على شراء المجوهرات والذهب.
تأثير الارتفاع العالمي للأسعار
علان أضاف أن ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية كان له تأثير مباشر على السوق المحلية، لكنه ليس العامل الوحيد وراء تراجع الطلب. وأوضح أن الظروف الاقتصادية الصعبة جعلت المواطن الأردني أكثر تحفظاً في قرارات الشراء، وأصبح الإنفاق على الذهب أقل أهمية من تلبية الاحتياجات الأساسية.
توقعات أسعار الذهب
في الأيام الأخيرة، سجل الذهب أسعاراً قياسية حيث تجاوز سعر الأونصة حاجز 3000 دولار أمريكي قبل أن يتراجع قليلاً، ليظل قريباً من أعلى مستوياته التاريخية. هذا الارتفاع جعل الذهب بعيداً عن متناول الكثيرين.
وفيما يتعلق بتوقعات الأسعار في الفترة المقبلة، أكد علان أن الظروف الاقتصادية العالمية تشير إلى استمرار ارتفاع أسعار الذهب، إذ لا تزال العوامل التي أدت إلى هذا الارتفاع قائمة. وأضاف أن التوترات الاقتصادية العالمية والسياسات النقدية الأميركية، مثل رفع أسعار الفائدة، تساهم في دفع أسعار الذهب للارتفاع المستمر.
التحديات القادمة في السوق
يتوقع بعض المحللين أن تواجه السوق المحلية تحديات جديدة على صعيد حركة البيع والشراء. إذ قد يدفع ارتفاع الأسعار المواطنين إلى التردد في شراء الذهب، بينما قد يلجأ بعض المستثمرين إلى بيع جزء من ممتلكاتهم الذهبية للاستفادة من المكاسب المتحققة.
تجار الذهب في الأردن، بالإضافة إلى المتابعين للأسواق العالمية، يترقبون تطورات الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة والأسواق العالمية، حيث إن أي تغييرات في السياسات النقدية أو أسعار الفائدة قد تؤثر بشكل مباشر على أسعار الذهب.
ركود أو انتعاش؟
في ظل هذه الأوضاع، تظل حركة البيع والشراء في سوق الذهب الأردنية محدودة، مع ترقب تطورات العوامل الاقتصادية العالمية. التوقعات تشير إلى أن السوق المحلية ستظل تواجه تحديات كبيرة في ظل الأسعار المرتفعة، خصوصاً إذا استمرت العوامل الاقتصادية التي تؤثر في القدرة الشرائية للمواطنين. ومع ذلك، فإن حدوث انخفاض مفاجئ في الأسعار قد يشجع البعض على الشراء، في حين قد يتجه بعض المستثمرين إلى البيع جزئياً للاستفادة من الأرباح في حال هبوط الأسعار.