“مسيرات العودة” في غزة خلفت مآسي ونظاما طبيا غير فعال

Ahmed Ali29 مارس 2019
“مسيرات العودة” في غزة خلفت مآسي ونظاما طبيا غير فعال

غزة تايم – لم يقصد عز الدين الباز عمله قبل سنة لكي يشارك مع عشرات الآلاف من الفلسطينين في اليوم الأول من مسيرات العودة… كان يقف على بعد مئات الأمتار من الحدود منذ نحو نصف ساعة عندما اخترقت رصاصة قناص اسرائيلي ساقه.

وهشمت الرصاصة عظام ساق عز الدين الذي كان في ال29 من عمره في ذلك اليوم، وقد أجريت له لاحقا خمس عمليات جراحية وأصيب بالتهابات، وباتت ساقه اليوم مثبتة بقطعة معدنية، وسيكون صعبا عليه أن يعود للسير كما في السابق.

ويقول عز الدين من عيادة تديرها منظمة أطباء بلا حدود في مدينة غزة “أعاني من الأوجاع منذ عام. لا أنام في الليل على الإطلاق. لو كنت أعرف أن هذا سيحصل، لكنت ذهبت الى عملي في ذلك اليوم”.

وقتل خلال العام الفائت أكثر من مئتي فلسطيني في مواجهات مع القوات الإسرائيلية على حدود قطاع غزة، وجرح الآلاف بالرصاص يكادون يكونون اليوم في عداد المنسيين.

وزادت معاناة القطاع الصحي الذي يفتقد أصلا الى الكثير من التجهيزات والأساسيات في القطاع الفقير والمحاصر.

ولا يزال هناك مئات من الجرحى عرضة لخطر الإصابة بالالتهابات أو الخضوع لعمليات بتر، في حين رفضت إسرائيل معظم طلباتهم للخروج من القطاع لتلقي العلاج في الخارج.

ويقول مسعفون في غزة إن آلاف العمليات أرجئت لإعطاء الأولوية لحالات أخرى، في حين يغادر العديد من الأطباء قطاع غزة عندما تسنح لهم الفرصة للبقاء في الخارج.

ويعبر عدد من أفراد الطواقم الطبية عن قلقهم إزاء التظاهرات الحاشدة المرتقبة غدا السبت في الذكرى السنوية الأولى لانطلاق مسيرات العودة. ويقول مسؤول منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية جيرالد روكينشوب “التصعيد الكامل سيدفع بوضوح النظام الصحي مرة أخرى نحو حافة الانهيار”.

– “لا أمل “-

وبدأت احتجاجات “مسيرات العودة” في 30 آذار/مارس من العام الماضي للمطالبة برفع الحصار الإسرائيلي المفروض منذ أكثر من عقد على قطاع غزة، وتثبيت حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها أو غادروها قبل واحد سبعين عاما.

ويقول البنك الدولي إن القيود المفروضة على غزة التي تسيطر عليها حركة حماس منذ أكثر من عقد، هي السبب الرئيسي في الظروف الاقتصادية اليائسة في القطاع حيث يعاني سبعة من كل عشرة من شباب من البطالة. وتقول إسرائيل إن هذه القيود ضرورية لعزل حماس التي خاضت معها ثلاث حروب منذ 2008. وتتهم إسرائيل الحركة بالوقوف وراء التظاهرات واستخدام العنف.

في بدايتها، أخذت المسيرات طابعا شعبيا وسلميا، وحددت الهيئة العليا لمسيرات العودة التي تضم حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى الموجودة في القطاع ومؤسسات مدنية وأهلية، خمسة مواقع رئيسية لتجمع المحتجين أقامت فيها مخيمات قرب السياج الفاصل بين القطاع وإسرائيل.

وشكل إشعال إطارات السيارات وإلقاء الحجارة والطائرات الورقية، أبرز أدوات المسيرات في أشهرها الأولى، قبل أن تتطوّر الى استخدام بالونات حارقة ومتفجرة، وقتل خلال الاحتجاجات جندي إسرائيلي برصاص قناص فلسطيني.

في المقابل، يستخدم الجيش الإسرائيلي الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع للرد على الاحتجاجات، لا سيما عندما تقترب من السياج الفاصل. وينتقد الفلسطينيون ومنظمات حقوق الإنسان إسرائيل بسبب قوة الرد، معتبرين أن الجنود يطلقون النار على متظاهرين لا يشكلون تهديدا كبيرا.

وذكر تقرير للأمم المتحدة الشهر الماضي “أن الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار عمداً على المدنيين في ما يمكن أن يشكل جرائم حرب”.

في عيادة أطباء بلا حدود، يجلس العشرات من الشبان المصابين الذين ثبتت كسورهم بالجص على مقاعد بلاستيكية في انتظار العلاج.

وقد عالجت المنظمة أكثر من 4000 فلسطيني أصيبوا بجروح من طلقات نارية، بضع مئات منهم لم تشف جروحهم، ويواجهون خطر بتر أحد أطرافهم.

ويقول الصياد محمد بكر (27عاما) الذي أصيب في 30 آذار/مارس الماضي وأجريت له ست عمليات، “منذ ذلك اليوم، لم يعد عندي أمل في المستقبل”.

وهو يتهم الجنود الإسرائيليين بإطلاق النار على المتظاهرين الذين لم يفعلوا شيئا لاستفزازهم. ويضيف “لن أكون قادرا على العمل كالسابق، ساقي ضعيفة ولا تحملني”.

– الأزمة القادمة –

ومع الطلبات المتزايدة التي يتلقاها النظام الطبي في غزة، يمكن للعلاج خارج القطاع أن يخفف الضغط. وتقول منظمة الصحة العالمية إنه تمّ “تقديم حوالى 500 طلب من جرحى فلسطينيين أصيبوا في المسيرات للخروج عن طريق الحدود الإسرائيلية لتلقي العلاج، لكن أقل من واحد من خمسة حصل على تصريح بالخروج في الوقت المناسب”.

وتؤكد الهيئة الإسرائيلية المسؤولة عن التصاريح “كوغات” أنها وافقت على حوالى 100 طلب.

وتقول “النظام الصحي في غزة يعاني منذ سنوات طويلة من الإهمال من جانب حركة حماس التي تفضل استثمار أموال مواطنيها في الإرهاب والقوة العسكرية”.

وتقول منظمة الصحة العالمية إنه تمّ تأجيل أكثر من 8000 عملية جراحية خطيرة، ولكنها ليست مهددة للحياة، مثل حصى المرارة أو استبدال مفصل الورك في مستشفيات غزة”.

وغادر عشرات الأطباء قطاع غزة عام 2018، وهو رقم أكبر بكثير من الأعوام السابقة، بحسب مسؤولين في الصحة.

ويقول روكينشوب لوكالة فرانس برس إنه التقى مؤخرًا بممرضة كانت تسير أميالًا للعمل كل يوم لأنه لم تكن لديها نقود لتدفع أجرة الحافلة، مضيفا “في كل مرة نتكلم فيها مع المؤسسات الصحية في غزة، مع الأطباء والأفراد، يتحدث الكثير منهم عن نيتهم مغادرة قطاع غزة”.

المصدر “أ ف ب”

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

x