غزة تايم – أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي استدعاء جنود الاحتياط وإعادة الانتشار على طول السياج الأمني مع قطاع غزة، في ما وصفه محللون عسكريون بأنه تحضير لتصعيد محتمل ضد القطاع بعد سقوط صاروخ من غزة شمال تل أبيب للمرة الأولى.
وأجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -الذي يزور واشنطن- مشاورات هاتفية مع قادة الأجهزة الأمنية ورئيس هيئة أركان الجيش أفيف كوخافي، الذي دعا قادة الأجهزة الأمنية والجيش لجلسة مشاورات في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، وذلك لبحث سبل وآليات الرد على إطلاق القذيفة الصاروخية على العاصمة فجر اليوم.
ووفقا لمحللين عسكريين، فإن إعلان المتحدث باسم الجيش رونين منليس تجنيد واستدعاء جنود الاحتلال، ليس كمسألة “الأوامر العسكرية 8” المتعارف عليها، بل هي عملية يتخذ فيها الجيش خطوات للتحضير لتصعيد محتمل في الجنوب على جبهة قطاع غزة، لافتا إلى أن التحضيرات عند السياج الأمني تشير إلى أن جيش الدفاع الإسرائيلي يعدّ بعض الألوية النظامية لإمكانية شن عملية برية في قطاع غزة.
وتعزيزا لهذه التقديرات، قال منليس -في إفادة لصحيفة هآرتس- إن الجيش سيعزز القيادة الجنوبية في فرقة إقليمية أخرى ولواءين مشاة وسلك مدرعة، مؤكدا أن “جيش الدفاع الإسرائيلي يستعد لرد عسكري كبير”.
مفاجأة وردع
ويجزم المحلل العسكري للموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت” رون بن يشاي أن إسرائيل تتجه نحو تصعيد ومواجهة شاملة مع قطاع غزة خلال الصيف المقبل، مؤكدا أن إطلاق قذيفة صاروخية من غزة وسقوطها على بعد مئة كيلومتر داخل إسرائيل في منطقة مأهولة بالسكان وغير محصنة “بالقبة الحديدية” مفاجأة تامة، وأضرار جسيمة لقوة الردع للجيش الإسرائيلي، الذي يبحث عن رد قاس، لكن دون إشعال الحرب.
وأوضح بن يشاي أن إطلاق القذيفة الصاروخية أتى في الوقت الذي كان يتحضر فيه الوفد الأمني المصري الذي يزور إسرائيل للدخول إلى قطاع غزة للقاء قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) للوصول “لتهدئة” متدرجة بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية.
وأكد أن الهدف من مفاوضات التهدئة التي شجعتها ودعمتها إسرائيل منع أي إمكانية للتصعيد الشامل في الذكرى السنوية الأولى لمسيرات العودة نهاية الأسبوع الجاري، مرجحا أن من يقف وراء إطلاق القذيفة ليس حركة حماس، ويتعزز الاعتقاد في إسرائيل بأن حركة الجهاد الإسلامي تقف وراء ذلك، لجرّ إسرائيل لمواجهة شاملة.
تصعيد واحتواء
ولا يستبعد المحلل العسكري أن يكون إطلاق القذيفة الصاروخية لإفساد حملة “انتصار نتنياهو في واشنطن”، وعليه يمكن التوقع أن يكون الرد الإسرائيلي بالغ الصعوبة، وسيتم تنفيذه من الجو باستخدام أساليب القوة التي ستحقق أقصى قدر من التأثير.
ومع ذلك، يعتقد بن يشاي أن إسرائيل ستسمح “باحتواء” الأحداث دون التصعيد أو إشعال مواجهات شعبية في الضفة الغربية قبيل أيام من انتخابات الكنيست التي ستجرى في التاسع من أبريل/نيسان المقبل، علما بأن الأوضاع بالضفة هشة، وعلى صفيح ساخن في الوقت الحالي، وبالتالي فإن احتمال تنفيذ هجوم شامل وواسع في غزة يتعزز.
ويرى بن يشاي أنه “ليست لإسرائيل مصلحة في التعجيل بالرد”، ويضيف “لأن نتنياهو لا يزال في واشنطن ولا يريد تفويت لقاء مع ترامب، بالإضافة إلى أن جميع قيادات الفصائل في القطاع تتحصن تحت الأرض”.
وأضاف أن “تبكير عودة رئيس الوزراء إلى إسرائيل تجعل من الممكن تأخير الرد، وربما تنفيذه بعد عودته، إذا كنت تريد التأثير، فمن الأفضل الانتظار قليلا وتركهم فريسة للخوف، على أي حال، فقد تعرض الردع لأضرار جسيمة ويحتاج إلى إعادة تأهيل”.
اجتياح واحتلال
ووفقا للموقع الإلكتروني “واللا”، فإنه في ظل التوتر على جبهة غزة، جهّز المجلس الأمني والسياسي الإسرائيلي المصغر (الكابينيت)، خطة لاجتياح بري وإعادة احتلال قطاع غزة عقب تكرار إطلاق القذائف الصاروخية صوب تل أبيب.
وبحسب الخطة التي شرع في تحضيرها مع نهاية ولاية رئيس الأركان الأسبق غادي آيزنكوت، فإنه إلى جانب إعادة احتلال القطاع، تم تحضير سيناريو لتوجيه ضربة قاسية لحركة حماس وترسانتها لفقدها القدرة على التعافي واستعادة القوة بشكل سريع.
وسينفذ السلاح الحربي الإسرائيلي المرحلة الأولى من الخطة، التي يشرف عليها جهاز الأمن العام (الشاباك) والاستخبارات العسكرية وقيادة المنطقة العسكرية الجنوبية، وفقا للخطة.
ووجّه رئيس أركان الجيش كوخافي تعليماته وأمر بالاستعداد لشن عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة، ورجح محللون أن تكون خلال الصيف بعد انتخابات الكنيست، حيث أوصى بأن يتم تغيير التعامل مع حرب الاستنزاف في قطاع غزة، بالإشارة إلى مسيرات العودة، وفعاليات الإرباك الليلي، وإطلاق البالونات الحارقة والمتفجرة صوب مستوطنات “غلاف غزة”.
مواجهة وانتخابات
وقال المحلل العسكري في موقع “واللا” أمير أورن إن الاستخبارات العسكرية بالجيش وجهاز الشاباك ومنسق أعمال الحكومة، يحذرون من عدة أشهر من “أن الانفجار غير الضروري وغير المبرر في غزة بات وشيكا، رغم أنه ليس مرسوما”، لكنه يعتقد أنه لن تكون هناك لحظات توتر قبل الذهاب إلى صناديق الاقتراع وتشكيل الحكومة، مما يعني أنه لا بد من المواجهة الشاملة في الصيف بعد الانتخابات.
وأضاف المحلل العسكري أن “الاعتقاد السائد في تل أبيب هي حقيقة أن إسرائيل تتأرجح على حافة الحرب كل بضعة أسابيع أو شهور أو سنوات، في سلسلة الأحداث وردود الفعل التي تبدأ بالهجوم الصاروخي وقد تؤدي إلى اشتعال الحرب مستقبلا”.
ويعتقد أن الاستعدادات والتحضيرات التي أعلنها الجيش الإسرائيلي صباح اليوم، بإعادة الانتشار على طول السياج الأمني مع قطاع غزة، والدفع بنحو نصف قوة الاحتياط التي شاركت في عملية “الجرف الصامد”؛ بمثابة عرض قوة عسكرية تحذر حماس والفصائل من المبالغة في الرد على الرد الإسرائيلي على الضربة التي سينفذها السلاح الحربي.
المصدر الجزيرة