الخياطة.. مهنة ينعشها الفقر والبطالة في غزة

Ahmed Ali24 مارس 2019
الخياطة.. مهنة ينعشها الفقر والبطالة في غزة

غزة تايم – ينهمك الخياط الفلسطيني خالد سعد الدين ساعات طويلة يوميا في إصلاح المئات من قطع الملابس الممزقة أو المهترئة، التي تتراكم فيما يشبه التلة العملاقة داخل رشته المتواضعة في مدينة رفح أقصى جنوبي قطاع غزة.

وشهدت ورشة الخياط الخمسيني مؤخرا إقبالا متزايدا من الفلسطينيين الذين يريدون إصلاح ملابسهم بسبب عدم توفر المال لديهم لشراء ملابس جديدة، في ظل الظروف الاقتصادية المتردية التي يعيشها القطاع وارتفاع مستويات الفقر والبطالة.

رجل المهمات الصعبة
وفي خطوات سريعة، يسعى سعد الدين لإنجاز عمله قبل انقطاع الكهرباء التي تصل ثماني ساعات يوميا، وإلا فإن أكوام الملابس ستحاصره وسيضطر للمبيت في ورشته حتى يحصل الزبائن على ملابسهم في صباح اليوم التالي.

ويحاول رجل المهمات الصعبة -كما يطلق عليه زبائنه- أن يخفي باحترافية عالية عيوب الملابس التي يصلحها قدر الإمكان، ليجنب من سيرتديها أي حرج ويمنحها مظهرا جديدا.

ولتحقيق ذلك ربما يغير ملامح الثياب أو يبتكر تصميما جديدا لها، فثقب في قميص سيتحول إلى وردة مزركشة بالخرز أو إلى حروف محبوكة بعناية، وحقائب الأطفال الممزقة ستحظى بقطع قماش تتناثر على ثقوبها وتمنحها ألوانا زاهية.

شهدت ورشة الخياط الفلسطيني إقبالا متزايدا في الفترة الأخيرة نظرا لتدني الأوضاع الاقتصادية في غزة

يقول سعد الدين إن “إصلاح عيوب الملابس الممزقة والبالية ليس بالأمر السهل، ويتطلب تركيزا وخبرة واسعة حتى تستطيع العمل به”.

وارتفع إقبال الفلسطينيين في قطاع غزة على إصلاح الملابس خلال الأشهر القليلة الماضية بنسبة تصل إلى 70% عما كان عليه الحال في السابق، وفق الخياط الكهل.

ويرجع ذلك -بحسب سعد الدين- إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها أهالي القطاع، وعدم مقدرة الفقراء على شراء ملابس جديدة، حيث تحتاج إلى مبلغ كبير من المال فيما لا تزيد تكلفة إصلاح الثياب البالية عن نصف دولار.

وفي بيانات نشرتها اللجنة الشعبية لرفع الحصار عن قطاع غزة نهاية العام الماضي، ارتفعت نسبة البطالة بين الفلسطينيين في القطاع إلى 70% ومعدل الفقر وصل 80%، فيما لا يتجاوز متوسط دخل الفرد اليومي ما يعادل دولارين أميركيين فقط.

مهنة البطالة
وعمل الخياط الفلسطيني على مدى عقدين من الزمن في مهنة خياطة وإصلاح الملابس، وسيورث هذه المهنة اليوم لابنه الأكبر الذي لم يستطع إيجاد فرصة عمل بعد تخرجه من قسم العلاج الطبيعي في إحدى الجامعات الفلسطينية بغزة.

نجل سعد الدين ليس الوحيد الذي قرر الالتحاق بهذه المهنة، فالعشرات من الشبان تعلموا الخياطة وفتحوا محال في أنحاء القطاع تختص بإصلاح الملابس، بسبب ندرة فرص العمل.

وكان أصحاب هذه المهنة لا يتجاوزون 150 خياطا، إلا أن العدد في السنوات الخمس الماضية ارتفع إلى ما يزيد على ألف، كما يقول سعد الدين.

إصلاح عيوب الملابس القديمة يحتاج وقتا وجهدا ليس بالسهل

وانقطاع التيار الكهربائي أحد أبرز المعيقات التي تواجه عمل ورشات الخياطة في غزة، فالكهرباء تصل ثماني ساعات يوميا قبل أن تنقطع المدة نفسها، وهو ما يكثف العمل في ساعات محددة ويؤخر تسليم الملابس لأصحابها في موعدها.

وتقول شركة توزيع الكهرباء في قطاع غزة إن القطاع يحتاج يوميا إلى نحو 560 ميغاواطا من الطاقة لتلبية حاجة السكان، لا يتوافر منها سوى نحو 205 ميغاواطات فقط.

وبينما كان الفلسطيني محمد حسن يراقب الخياط سعد الدين وهو يحيك قميص طفلته المدرسي، يقول “أنا أحد الزبائن الدائمين هنا”.

وحسن -الذي يعمل سائق أجرة- لا يكفي ما يجنيه يوميا من مال إلا لتوفير الطعام ومستلزمات المنزل الأساسية، ولا يستطيع شراء ملابس جديدة لأطفاله كلما تمزقت القديمة فيضطر لإصلاحها مقابل مبلغ زهيد من المال.

ويضيف حسن “كنت أشتري ملابس جديدة لأطفالي كل شهر، لكن الظروف في الأعوام الثلاثة الأخيرة تغيرت ودخلي لا يتجاوز عشرين شيكلا يوميا (5 دولارات) بعد أن كان يصل إلى 150 شيكلا (41 دولارا) قبل سنوات”.

المصدر “الجزيرة”

http://gazatime.com/3614/%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%AD-%D8%AD%D8%A8%D9%88%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D9%91%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D8%AA%D8%AC%D9%8A%D8%AF-%D8%B5%D9%86/
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

x