“جمع الحطب”.. مهنة موسمية تنتعش شتاءً في غزة

Ahmed Ali20 ديسمبر 2020
جمع الحطب
جمع الحطب

ينطلق الثلاثيني محمد أبو دقة، مع ساعات الصباح الباكر، باتجاه أرضٍ زراعية مليئة بأشجار الزيتون، جنوبي قطاع غزة، حاملا معدات يحتاجها لقص أغصان تلك الأشجارة لصناعة الحطب.

من بين ما يحمله أبو دقة، منشار كهربائي لقص الأغصان، وفأس قديم لتحويل خشب الأشجار إلى قطع صغيرة من الحطب.

هذا الحطب، الذي يجمعه الشاب الفلسطيني، يبيعه خلال فصل الشتاء، مقابل مردود مادي بالكاد يفي لتلبية احتياجات أسرته.

وفي حديث للأناضول، قال أبو دقة، إنه لجأ إلى هذه المهنة بعدما فقد الأمل في الحصول على فرصة عمل بشهادته الجامعية.

وأضاف أن جمع الحطب بات المصدر الوحيد لدخله، ولعاملين اثنين يساعدانه في العمل.

وأوضح أنه في ظل الوضع الاقتصادي المتردي بقطاع غزة، فإن الشاب الفلسطيني بات يعمل في مهن لا علاقة لها بمجاله الدراسي، أو وضعه الاجتماعي.

ويعيش في القطاع ما يزيد عن مليوني فلسطيني، يعانون من أوضاع اقتصادية ومعيشية متردية للغاية جراء الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 2007.

وتظهر بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أن نسبة البطالة بغزة بلغت حتى نهاية الربع الثاني الماضي، نحو 49 بالمئة بعدد عاطلين عن العمل بلغ 203.2 ألفا.

كما يعاني نصف سكان غزة من الفقر، فيما يتلقى 4 أشخاص من بين كل 5 مساعدات مالية، حسب إحصائية للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مؤسسة حقوقية مقرها جنيف)، أصدرها نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي.

مهنة موسمية

وأفاد أبو دقة، بأن مهنة “جمع الحطب” تعتبر من المهن الموسمية، حيث يعدها البعض “تراثية ونادرة”.

وأردف: “انخفاض أعداد العاملين في هذه المهنة مقارنة بما كانت عليه في السابق، يعود إلى الجهد الكبير الذي تحتاجه، مقابل المردود المادي الضعيف”.

وتابع: “البدائل الكهربائية التي ظهرت في العصر الحديث، والتي تقلل الحاجة لاستخدام الحطب، أدت إلى ندرة وجود هذه المهنة”.

وذكر أنه رغم ذلك إلا أن فئة من سكان القطاع ما زالوا يترددون للمحال التي تبيع الحطب، لشرائه لكن بكميات أقل مقارنة بالكميات التي كانت تُباع قبل سنوات.

وفي فصل الشتاء، يلجأ فلسطينيون لاستخدام الحطب، كمصدر للتدفئة داخل المنازل، وفي الأماكن المفتوحة، كما يستخدمه البعض بديلا عن الغاز، لطهي الطعام.

صبر ومخاطرة

وذكر أبو دقة، أن مهنة جمع الحطب تحتاج “إلى جهد عالٍ، ونفس طويل وصبر، إضافة لكونها تحمل جانبا من المغامرة، جراء تفاوت أسعار الحطب من موسم لآخر، واختلاف ظروف الأسواق المحلية”.

واستطرد: “في السابق كانت مساحة الأراضي الزراعية، المليئة بالأشجار التي تحتاج لتقليم سنوي، واسعة، حيث كان يخرج منها مئات السيقان والجذوع، التي تتحول بعد قصها لحطب”.

واستدرك: “لكن بفعل الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والمستمرة عبر استهداف وتجريف للمناطق الحدودية، باتت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية “قاحلة، وخالية من الأشجار”.

وأوضح أن أجود أنواع الحطب هو الذي يتم استخراجه من أشجار الزيتون والحمضيات، لافتا إلى أنه يمتاز “بطول مدة اشتعاله، وصلابته، وقدرته على تشكيل الجمر”.

ويصل سعر الطن الواحد من الحطب، في الوقت الحالي، إلى نحو 176 دولار أمريكي، فيما كان يزيد سعره قبل سنوات عن 300 دولار.

وأرجع أبو دقة، انخفاض سعره إلى عدة عوامل منها “ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، وتردي الأوضاع الاقتصادية العامة، جراء الحصار الإسرائيلي المستمر للعام الـ 14 على التوالي”.

إرث عائلي

في “محطب”، يتبع لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ويقع في سوق “فراس” الشعبي، بمدينة غزة، تقضي عائلة عبد العال، التي ورثت مهنة جمع الحطب عن أجدادها، جل أوقاتها في العمل هناك.

عائلة عبد العال، بدأت هذه المهنة قبل أكثر من 30 عاما، فيما بدأ أجدادها هذه المهنة منذ ستينيات القرن الماضي.

وقال عبد العال، للأناضول، إن “هذه المهنة جزء من التراث الوطني الفلسطيني، وهي كذلك إرث مهم لعائلتي تعرف من خلاله بين الناس”.

وأفاد بأنهم “يعكفون على قص الأشجار في فصلي الصيف والشتاء، لتجهيز الحطب، وبيعه لاحقا للمواطنين”.

وفي الختام، شدد على أنه لن يترك هذه المهنة حتى آخر يوم في حياته، وكما ورّثها لأبنائه سيحثهم على توريثها للأحفاد، “رغم مردودها المادي الضعيف”.

المصدر: وكالة الأناضول

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.