يُعدّ فيلم Jennifer’s Body واحدًا من أكثر أفلام الرعب الكوميدية إثارةً للجدل في القرن الحادي والعشرين، إذ لم يلقَ النجاح المتوقع عند صدوره عام 2009، لكنه تحوّل خلال السنوات الأخيرة إلى عمل كلاسيكي يحمل دلالات اجتماعية ونَسَوية عميقة. الفيلم من تأليف ديابلو كودي، الحائزة على جائزة الأوسكار عن فيلم Juno، ومن إخراج كارين كوشاما، التي اشتهرت بتناولها موضوعات القوة الأنثوية والعلاقات المعقدة.
تدور قصة الفيلم حول الفتاة الجميلة والشعبية جينيفر تشيك (التي تؤديها ميغان فوكس) وصديقتها المقربة نِيدي ليسنيكي (أماندا سيفرغيد). بعد حضور الفتاتين حفلة موسيقية لفرقة روك غامضة في بلدة صغيرة، تتعرض جينيفر لحادث غريب يجعلها تتحول إلى كائن شيطاني يتغذى على الشباب الذكور في المدرسة. وبينما تبدأ البلدة في ملاحظة سلسلة جرائم مروعة، تحاول نِيدي إنقاذ صديقتها من اللعنة الشيطانية قبل أن تفقد إنسانيتها تمامًا.
الفيلم يجمع بين الرعب الدموي والكوميديا السوداء، ويطرح تساؤلات حول الصداقة، الغيرة، والتحوّلات التي تمر بها الفتيات في مرحلة المراهقة. إلا أن حملة التسويق الأصلية للفيلم لم تركز على هذه الجوانب الفكرية، بل اختزلت العمل في الجانب الجسدي لميغان فوكس، ما تسبب في نفور جزء من الجمهور والنقاد على حدّ سواء. وقد اعترفت الممثلة أماندا سيفرغيد لاحقًا بأن سوء التسويق “دمّر الفيلم تجاريًا”، مشيرة إلى أن الجمهور لم يفهم الرسالة الحقيقية التي أرادت الكاتبة والمخرجة إيصالها.
إيرادات فيلم Jennifer’s Body
ورغم فشله في شباك التذاكر آنذاك، إذ لم تتجاوز إيراداته 31 مليون دولار عالميًا مقابل ميزانية بلغت نحو 16 مليونًا، بدأ الفيلم يكتسب قاعدة جماهيرية جديدة خلال العقد التالي، خاصة بين المشاهدين الشباب والنسويات اللاتي وجدْن فيه انعكاسًا رمزيًا لقضايا التمكين الأنثوي والتحكم في الجسد والهوية.
من الناحية التقنية، استخدمت المخرجة كارين كوشاما ألوانًا باردة وإضاءة متناقضة لتعكس الصراع الداخلي في شخصية جينيفر، فيما ساهمت الموسيقى التصويرية الصاخبة والمفعمة بروح المراهقة في تعزيز الحالة الشعورية للفيلم. كما أن أداء ميغان فوكس نال لاحقًا إشادات واسعة لقدرته على الموازنة بين الإغراء والرعب، وتقديم صورة مركبة للمرأة التي تجمع بين الجمال والقوة والانتقام.
وفي السنوات الأخيرة، بات الفيلم يحظى بإعادة تقييم نقدي إيجابي، حيث وصفته مجلات سينمائية مثل The New Yorker وScreenRant بأنه “عمل سابق لعصره” تناول قضايا الجنس والسلطة من منظور نسوي جريء. كما أصبح موضوعًا لدراسات أكاديمية تبحث في كيفية تمثيل الأنثى في أفلام الرعب الحديثة.
اليوم، يُعرض Jennifer’s Body عبر منصات البث مثل Amazon Prime Video وHulu، ويُعتبر من الأفلام التي فشلت تجاريًا عند صدورها لكنها كسبت الخلود الثقافي لاحقًا. وباتت شخصيته الرئيسية، التي أدتها ميغان فوكس، رمزًا لتمرد الأنثى واستعادة السيطرة على مصيرها في عالم لا يزال يميل إلى تهميش صوت المرأة.
وهكذا، يُثبت فيلم Jennifer’s Body (جسد جينيفر) أن الفشل التجاري لا يعني النهاية، بل يمكن أن يكون بداية لرحلة جديدة نحو الخلود السينمائي والاعتراف الفني.