ذكرت صحيفة معاريف العبرية في تقرير موسع أن احتلال غزة من قبل الجيش الإسرائيلي أصبح مسألة منتهية بالفعل، حيث بدأت العمليات البرية وتستمر بخطوات متصاعدة، على الرغم من التحديات الكبيرة داخل مدينة غزة. وأوضحت الصحيفة أن ما يقارب خمسة آلاف من عناصر حركة حماس لا يزالون متحصنين داخل المدينة، نصفهم ينتمي إلى لواء غزة وهم مدربون بشكل جيد، فيما يتوزع البقية بين مراهقين وعناصر من فصائل أخرى.
وبحسب التقرير، فإن هؤلاء المقاتلين لا يسعون إلى مواجهة مباشرة مع القوات الإسرائيلية في الوقت الراهن، بل يعتمدون على أسلوب حرب العصابات، مع الاستعداد لتنفيذ عمليات خاطفة مع استمرار المعارك. وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي ينفذ حاليًا عملية “التاج” بهدف السيطرة على معظم أحياء مدينة غزة، على أن تتبعها خطة لإبعاد السكان المدنيين عن مناطق الاشتباك وفصلهم عن المقاتلين.
وتبرز معضلة أساسية أمام الاحتلال، وهي رفض سكان غزة مغادرة بيوتهم مقارنة بسكان المناطق الريفية أو مدن جنوب القطاع مثل خان يونس ورفح، ما يشكل تحديًا ميدانيًا حقيقيًا أمام الجيش.
وأكدت معاريف أن العملية العسكرية في غزة مرشحة للاستمرار لأسابيع وربما لأشهر، نظرًا لاعتماد الجيش على الحذر الشديد للحفاظ على حياة الرهائن وتقليل خسائره البشرية. إلا أن الصحيفة شددت على أن التحدي الأكبر لا يكمن في القتال نفسه، بل في مرحلة ما بعد احتلال غزة، حيث يظل “اليوم التالي” مليئًا بالأسئلة المعقدة حول مصير القطاع.
وحذرت المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية من أن فرض حكومة عسكرية في غزة قد يقود إسرائيل إلى مأزق سياسي واقتصادي عميق، إذ إن إدارة مدينة بحجم غزة تعني توفير الغذاء والماء والرعاية الصحية والتعليم والخدمات الاجتماعية والأمنية، وهي أعباء ضخمة ستثقل كاهل الاقتصاد الإسرائيلي لسنوات طويلة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري بارز قوله إن المقاتلين الشباب في الجيش، سواء من النظاميين أو قوات الاحتياط، يحلمون ببناء مستقبل اقتصادي لعائلاتهم، لكن إقامة نظام عسكري في غزة قد يحطم هذه الآمال ويدفعهم إلى واقع قاسٍ لا يتجاوز امتلاك “خيمة أو مقطورة” بدلًا من تحقيق الاستقلال المالي.
واختتمت معاريف تقريرها بالتأكيد على أن احتلال غزة قد يكون عسكريًا مسألة محسومة، لكن التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في “اليوم التالي” تظل غامضة، وقد تجعل إسرائيل أمام معادلة خاسرة، حيث لا حسم عسكري حقيقي ولا رؤية واضحة للمستقبل.