تصاعدت في الآونة الأخيرة موجة من الانتقادات لما وصفه البعض بـ”تشويه صورة مواطني الصعيد المصري” في عدد من المسلسلات التي تعرض خلال الموسم الرمضاني. ويرى المنتقدون أن هذه الأعمال تكرس صورة نمطية تربط بين المجتمعات الصعيدية والأنشطة الإجرامية، مثل تجارة المخدرات والسلاح وتهريب الآثار.
ويطلق مصطلح “الصعايدة” على فئة كبيرة من المواطنين المصريين الذين يقطنون المحافظات الجنوبية،.ويتميزون بعاداتهم وتقاليدهم الخاصة، ولهجتهم المميزة، وأزيائهم التراثية. ويعرف عنهم تمسكهم بقيم الشهامة وإكرام الضيف وإغاثة المحتاج. كما تضم محافظات الصعيد معظم الآثار والمعابد الفرعونية في مصر، مما يجعلها جزءًا مهمًا من الهوية الثقافية والتاريخية للبلاد.
مسلسلات رمضانية تحت المجهر
يعرض حاليًا ضمن الموسم الرمضاني مسلسل “حكيم باشا”، الذي تدور أحداثه في بيئة صعيدية حول شخصية “كبير العائلة”، الذي يتورط في أنشطة غير مشروعة لكنه يسعى لاحقًا للتوبة.
ويجسد الفنان مصطفى شعبان دور البطل “حكيم”، الذي يحتفظ بمغارة سرية في الجبل تحتوي على ملايين الجنيهات السائلة. بالإضافة إلى عدد كبير من التماثيل الأثرية الذهبية. وهو ما أثار انتباه المشاهدين. كما ينشط في التهرب الضريبي وغسل الأموال، لكن اللافت في أحداث المسلسل أن هذه الممارسات لا تقتصر عليه وحده، بل تشمل عائلته بالكامل. بما في ذلك أعمامه وأبناء عمومته، الذين ينخرطون في أنشطة مماثلة، فضلاً عن تجارة السلاح.
ويشارك في بطولة المسلسل عدد من الفنانين، من بينهم: أحمد فؤاد سليم، منذر رياحنة، رياض الخولي، أحمد فهيم، محمد نجاتي، فتوح أحمد، وأحمد صيام. حيث تجسد شخصياتهم مجتمعًا يُصوَّر وكأن الإجرام فيه هو القاعدة وليس الاستثناء، وسط قبول مجتمعي ضمن سياق الأحداث.
وفي سياق مشابه، يتناول مسلسل “فهد البطل” قصة العمدة “غلاب”، الذي يجسد شخصيته الفنان أحمد عبد العزيز. حيث يظهر كشخصية نافذة تعمل في تجارة المخدرات والسلاح. وتبرز أحداث المسلسل عنصرًا دراميًا لافتًا، حيث يربي “غلاب” مجموعة من الذئاب في مزرعة خاصة. ليستخدمها كوسيلة لمعاقبة خصومه.
انتقادات وتحفظات
يرى منتقدو هذه الأعمال أن الصورة التي تقدمها الدراما عن الصعيد المصري تبتعد عن الواقع. وتكرس أفكارًا مغلوطة عن مجتمعاته، التي تتميز بتاريخها العريق وقيمها الراسخة. وفي المقابل، يرى صناع الدراما أن هذه الأعمال تعكس قصصًا درامية بُنيت على أحداث خيالية، وليست بالضرورة تصويرًا دقيقًا للواقع.
وفي ظل هذا الجدل، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى تأثير هذه الأعمال على الصورة الذهنية للمجتمعات الصعيدية، وإلى أي مدى يمكن للدراما أن توازن بين الحبكة الفنية وعدم تكريس الصور النمطية.