غزة تايم

عطور “عالمية” في غزة والرائحة “مسافة السكة”

alt=

غزة تايم – ضحك بخجلٍ حينما سألناه: “أصلية هذه؟” في إشارةٍ إلى عبوة عطر “جادور” الفرنسي، وأجاب، “بدكم الأصلية ممكن أحصل عليها، بتلاقيها في الرمال -وسط غزة وأسعار محلاتها مرتفعة- هذا إن كانت الأصلية”، وهو غير مقتنعٍ أن هناك فرقًا بين العطور العالمية التي تباع في المحلات بسعرٍ مرتفعٍ، وعلى بسطته المتواضعة في سوق الساحة قرب ميدان فلسطين بمدينة غزة.

الشاب البائع إسماعيل بصل، وهو طالبٌ جامعي، قال: “سعر القزازة 10 شواقل والاثنين بـ15 شيقل حاليًا وفي ناس تشتري وناس لا يعجبها السعر، هذا عطر عالمي في المحل فوق الـ600 شيقل”، أعاد القول ضاحكًا.

عبوات عطورٍ معروفة فرنسيةٌ وعربيةٌ انتشرت في الآونة الأخيرة على بسطاتٍ في أسواق غزة، ذات العبوة وذات اللون وأحيانًا الرائحة ذاتها، وتباع على أنها “أصلية”، اشتغل فيها عددٌ من المتعطلين عن العمل وأصحاب البسطات الدائمة في غزة التي يحبُّ أهلُها العطور ويستهلكونها باستمرار.


“الرائحة مسافة الطريق”


قال بصل: “كان سعر العبوة 30 وقبله 50 شيقل، لكن حاليًا كثروا العاملين فيها فضُرب سعرها، كانت تربح 10 شواقل وأصبحت تربح 2 شيقل العبوة”.


عدّ بعضًا من أنواع العطور العالمية المتوفرة لديه “جادور، فيلفيت روماني، ميليون، تاندر، 212، كوبرا، كلاسيك، هوجو وغيرها”. وعندما سألناه عن مصدر استيراده لهذه العطور التي تُعطي انطباع عبوات العطور الأصلية، أجاب، “في مصنع صغير بنشتري منه بسعر الجملة”.


خلال حديثه معنا، استوقفه صديقه غامزًا وقال: “مالك يا مجنون”، إلا أن بصل أكمل حديثه، “نعم نشتري منه بسعر الجملة”. وحين سألناه عن مدة ثبات رائحة العطر أجاب، “عشر دقائق ربع ساعة، يعني تقريبًا هكذا”.


الشاب محمد الشوبكي صاحب بسطة أخرى تضم عطورًا بنفس شكل العُبوات الأصلية لماركاتٍ عالميةٍ يعتبر التجارة “مشروعًا مُجْديًا نوعًا ما”، لكنه أضاف، “الناس بتصدق إن قلت له أصلية يشتريها، وفي المحل في منها تقليد أو نخب أول بالكثير وصنف من الناس واهم أنها أصلية، كله تقليد في تقليد”.


على قارعة الطريق يرشّ صاحب “بترينة” لبيع العطور المرّكبة روائح عطورٍ جميلةٍ منعشةٍ مناديًا وجاذبًا المارّة أمامها، هي روائح لعطورٍ فرنسيةٍ في الغالب يألفها الجمهور الغزي الذي ينتقي الروائح الحديثة انتقاءً، فهناك أنواعٌ من العطور العالمية سرعان ما تجتاح المحلات ومنها إلى هذه البسطات.


يقول الشوبكي: “أرّكب عبوة العطر بخمسة وفي بعشرة إلى حد ثلاثين شيقلاً، وأتحدى أن يفرّقها أحد عن الأصلي”.
ثقته بتركيبة العطر المقلّد جاءت نتيجةً لتراكم خبراته في التركيب، خاصة أنه عمل في أكبر وأشهر محلات تركيب العطور في غزة، لكنه قال: “في بعض العطور لم أستطع جلبها لأن المادة الخام غالية نوعًا ما ويطلبها أصحاب الذوق الرفيع، وهؤلاء طبعًا مكانهم المفضل محلات التركيب مش البسطة”.


موسم العيد والصيف الذي تكثر فيه المناسبات والأفراح يُعتبر ذهبيًا بالنسبة لحازم حسنين (27 عاما) صاحب إحدى عربات العطور المقلّدة، الذي يقول عن عبواته إنها “تختلف عن المقلّد العادي، لأن عندي عطر كوبي ومعظم المحلات تبيعها على أنها أصلية أما أنا فأبيعها بـ35 شيقل”.


وأضاف، “صراحة هذه القصة -أصلي غير مقلّد- تفوت على الناس والبيع شطارة، ومعظم العاملين في مجال العطور يلحنون على هذا الوتر حتى أصحاب المحلات المشهورة، كلهم بياعين كلام”، وسمّى أشهر المحلات في القطاع.


أثناء حديثه معنا مرّ أحد أصدقائه من رجال الشرطة وناداه: “عطّرني يا حازم قبل ما أمشي”، فأخرج عبوة عطر وأخذ يرش ويقول: “أفتخر أني صاحب بسطة عطور وأركّب حوالي 50 نوعًا عالميًا من أصل 150 نوعًا المعظم يعمل بها، ولي زبائن منذ أن كنت أعمل في محل خليك ستايل”.

http://gazatime.com/8723/%d9%85%d9%88%d8%b6%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d9%82%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%8a%d8%af-%d9%84%d9%86%d8%b3%d8%a7%d8%a1-%d8%ba%d8%b2%d8%a9/


هل يوجد عطر أصلي في غزة؟


صاحب محلات “الحجاز” للعطور بلال سرايا، وهي من أقدم وأبرز المحلات العاملة في مجال العطور بقطاع غزة، قال “إن العطور المُقلّدة بدأت بالدخول لغزة في التسعينات وكانت تأتي على هيئة زيت عطري يتم تركيبه، وكان مقتصرًا على فئةٍ معينةٍ من الناس، لكن تطورت بعد قدوم السلطة عام 1994 وبدأت العطور العالمية المقلّدة تدخل عبر مصر”.


ووصف سرايا، الغزيين، بأنهم “يستهلكون العطور أكثر من الدول المصّنعة لها سواء العطور الأجنبية أو العربية”.
سألنا سرايا إن كانت توجد عطورٌ عالميةٌ أصليةٌ في غزة؟ فأجاب، “هناك الكثير من الأسئلة علينا طرحها كي نصل لحقيقة هذا، منها ما مصدر المستوّرد، هل له وكالةٌ رسميةٌ من شركة الأزياء المصممة للعطر؟ ثم إن شركة الأزياء هل أرسلت العطر الأصلي أم أجرت تعديلًا أو تقليدًا لها ومن ثم صدرته بسعرٍ غالٍ حتى تربح منه؟”.


وأضاف، “هناك عطور كالبوتشي وهوجو بوس، ولاكوست، مونت بلاك، جادور وأخرى حديثة معظمها وعالمية ولها مشاهيرها، البعض يروجها على أنها أصلية”.


واستدرك سرايا قائلاً: “في الغالب لا توجد عطورٌ أصلية في غزة إلا القليل القليل وهي غير ناجحة، لأن سعرها مرتفعٌ جدًا وغير مناسبة لأهل غزة، والمعظم ممن يعملون في مجال الأصلي كما يقولون، يستوردونه من الخليج، وهو عبارة عن نخب أول من العطر لكنه ليس عطر بيت الأزياء المنتِج نفسه”.


واعتبر سرايا أن الاختلاف في الثقافة العطرية -الكولتي- بين المروجين للعطور الأصلية “إن وُجدت” أو التركيبية أو المقلّدة هو الذي يجذب الزبائن إلى هذا أو ذاك، وفي الغالب هذه العطور لا تدوم رائحتها كالأصلية وإن تفاوتت في تركيبتها حسب جودة الزيت العطري وخبرة صاحب العطور.

المصدر: ألترا فلسطين

http://gazatime.com/7985/%d8%aa%d8%b3%d8%b9%d9%8a%d9%86%d9%8a%d8%a9%d9%8c-%d9%85%d9%86-%d8%ba%d8%b2%d8%a9-%d8%aa%d9%87%d9%88%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b7%d8%b1%d9%8a%d8%b2-%d9%88%d8%aa%d8%a8%d9%88%d8%ad%d9%8f-%d8%a8%d9%80/
Exit mobile version