حذّرت منظمة “هانديكاب إنترناشونال” من أن الذخائر غير المنفجرة في قطاع غزة تمثل خطرًا “هائلًا” على حياة المدنيين والنازحين العائدين إلى منازلهم بعد شهور من الدمار الواسع الذي خلّفته الحرب. ودعت المنظمة، في بيان صدر الثلاثاء، إلى السماح الفوري بإدخال المعدات والآليات اللازمة لإزالة الألغام والمتفجرات، تماشيًا مع مطالب الأمم المتحدة التي أكدت بدورها على ضرورة التحرك العاجل لحماية السكان.
وقالت آن-كلير يعيش، مديرة المنظمة في الأراضي الفلسطينية، إن التقديرات تشير إلى سقوط ما يقرب من 70 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، عقب الهجوم الذي شنّته حركة حماس على إسرائيل. وأوضحت أن هذه الكمية الهائلة من الذخائر غير المنفجرة تجعل عودة المدنيين إلى منازلهم محفوفة بالمخاطر، خصوصًا في ظل التدمير الواسع للبنية التحتية وتراكم الأنقاض في مناطق ذات كثافة سكانية مرتفعة.
وأكدت يعيش أن “طبقات الركام المتراكمة ومستويات الدمار الكبيرة تجعل من مهمة إزالة الألغام عملاً بالغ الخطورة”، مشيرة إلى أن القطاع أصبح “أرضًا معقدة للغاية” من حيث الجغرافيا والكثافة السكانية، الأمر الذي يزيد من صعوبة الوصول إلى المناطق الملوثة بالذخائر.
وكانت دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام (UNMAS) قد أعلنت في وقت سابق من هذا العام أن نحو 5 إلى 10% من الذخائر التي أُطلقت على غزة لم تنفجر، وهو ما يخلق تهديدًا مستمرًا لحياة المدنيين. ومنذ ذلك الحين، تصاعدت حدة القتال، خصوصًا بعد العملية العسكرية الواسعة التي نفذها الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، قبل أن يدخل وقف إطلاق النار الثالث في الحرب حيز التنفيذ يوم الجمعة.
وفي ردها على استفسار من وكالة “فرانس برس”، أوضحت دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام أنه “بسبب القيود المفروضة على القطاع خلال العامين الماضيين، لم يكن ممكنًا تنفيذ عمليات مسح شاملة لتحديد أماكن الذخائر غير المنفجرة”، مؤكدة أنها لا تمتلك حتى الآن “صورة كاملة للتهديد الحقيقي الذي تمثله هذه المتفجرات على الأرض”.
من جانبها، أعلنت مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن فرق العمل الميدانية تمكنت فقط من “تقييم المخاطر المرتبطة بالمتفجرات على الطرق الرئيسية” في القطاع، لكنها لم تتمكن من الوصول إلى العديد من المناطق المتضررة بسبب القيود الأمنية ونقص المعدات. وأضافت الدائرة الأممية أن لديها “عددًا محدودًا من المركبات المدرعة”، مما يحدّ من قدرتها على تنفيذ سوى عدد محدود من تقييمات المخاطر يوميًا.
كما أكدت الأمم المتحدة أنها لم تحصل حتى الآن على تصريح من السلطات الإسرائيلية لإدخال المعدات الخاصة بإزالة الذخائر، مشيرة إلى أن “ثلاث مركبات مدرعة تقف على الحدود بانتظار الإذن بالدخول إلى غزة”، الأمر الذي يعرقل تنفيذ عمليات إزالة الألغام بشكل آمن وعلى نطاق أوسع.
وتحذر المنظمات الدولية من أن التأخير في إزالة الذخائر غير المنفجرة سيؤدي إلى مضاعفة أعداد الضحايا المدنيين، لا سيما بين الأطفال والعائدين إلى المناطق المدمرة. كما شددت الأمم المتحدة على ضرورة أن يكون ملف نزع الألغام جزءًا أساسيًا من خطط إعادة الإعمار، لضمان عودة آمنة للنازحين وبدء مرحلة جديدة من الاستقرار في غزة.