تشهد مواقع التواصل الاجتماعي منذ أسابيع جدلاً واسعاً بسبب ما عُرف إعلامياً بـ قضية هدير عبد الرازق ومحمد أوتاكا، التي ارتبطت بتداول مقاطع مصورة مزعومة وصفت بأنها “فيديوهات فاضحة”. ومع اتساع رقعة انتشار هذه المقاطع عبر منصات مثل تليجرام وفيسبوك وتويتر، تحولت القضية إلى مادة رأي عام أثارت تساؤلات حول حدود الحرية الرقمية، وظاهرة التشهير الإلكتروني، وتأثيرها على السمعة الشخصية والفنية.
بداية القصة
القضية بدأت عندما ظهرت روابط على بعض القنوات في تليجرام تحمل عناوين مثيرة مثل: “فيلم هدير عبد الرازق ومحمد أوتاكا الكامل”. هذه الروابط لاقت انتشاراً سريعاً بين المستخدمين، مدفوعة بفضول الجمهور ورغبتهم في الوصول إلى “الحقيقة”. غير أن التدقيق أظهر أن معظم هذه الروابط كانت إما وهمية أو تحتوي على مواد لا علاقة لها بالشخصيات المذكورة، في حين تم استغلال أسماءهم بغرض جذب المشتركين وزيادة نسب المشاهدة.
موقف هدير عبد الرازق
عبر محاميها، نفت هدير عبد الرازق بشكل قاطع وجود أي صلة لها بهذه الفيديوهات، مؤكدة أنها ضحــية حملات تشويه رقمية تستهدف النيل من سمعتها وصورتها العامة. وأوضح فريقها القانوني أن ما يُتداول يدخل في إطار “التزييف الرقمي” أو الـ Deepfake، وهو أسلوب يعتمد على الذكاء الاصطناعي لإنتاج محتوى مزيف يظهر أشخاصاً في مواقف غير حقيقية.
وأكدت هدير أن نشر هذه المواد المسيئة لا يضر فقط بمكانتها المهنية والشخصية، بل يشكل جريمة كاملة الأركان تستوجب المساءلة القانونية.
موقف محمد أوتاكا
من جانبه، وجد الفنان محمد أوتاكا نفسه أيضاً جزءاً من هذه العاصفة الرقمية. إذ تداولت بعض الصفحات اسمه مقترناً بالمقاطع المزعومة، في محاولة لربط القضية به بشكل مباشر. أوتاكا نفى بدوره أي صلة بالموضوع، مشدداً على أن إدراج اسمه مجرد محاولة لزيادة حجم الضجة وإعطاء المقطع المزعوم “شرعية مزيفة”.
التحرك القانوني
أعلن محامو الطرفين عن تقديم شكاوى رسمية لدى النيابة العامة المصرية والنيابة الاقتصادية ضد القنوات والمواقع الإلكترونية التي تروج لهذه المقاطع. وتستند هذه الشكاوى إلى مواد قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في مصر، التي تعاقب على نشر محتوى غير لائق أو تشهيري عبر الإنترنت.
المصادر القانونية أوضحت أن القضية قد تُدرج تحت بند التشهير ونشر أخبار كاذبة، مع إمكانية فرض عقوبات تصل إلى الحبس لعدة سنوات وغرامات مالية كبيرة بحق المسؤولين عن ترويج هذه المواد.
الرأي العام ووسائل الإعلام
القضية لم تبقَ في الإطار القانوني فقط، بل تحولت إلى ظاهرة اجتماعية تعكس جانباً مظلماً من ثقافة الفضاء الرقمي، حيث تنتشر الشائعات بسرعة فائقة، ويصبح من الصعب على الضحايا السيطرة على حجم الضرر.
وسائل الإعلام المحلية والعربية تناولت الموضوع بشكل متباين، بين من ركّز على حق الشخصيات المتضررة في حماية خصوصيتها وسمعتها، ومن اعتبر أن انتشار مثل هذه القضايا يعكس حاجة المجتمع إلى توعية رقمية أشمل حول خطورة الانسياق وراء الروابط المجهولة.
يمكن القول إن قضية هدير عبد الرازق ومحمد أوتاكا ليست مجرد جدل عابر، بل نموذج متكرر لظاهرة الفضائح الرقمية المصطنعة، التي تجمع بين استغلال التكنولوجيا الحديثة والتشهير الإلكتروني، في ظل غياب وعي كافٍ لدى بعض مستخدمي المنصات. ومع التحركات القانونية الجارية، تبقى القضية مفتوحة على احتمالات متعددة، لكن المؤكد أن النقاش الذي أثارته حول حماية السمعة في العصر الرقمي سيظل مطروحاً لفترة طويلة.