غزة تايم

هل تستطيع أمريكا عزل روسيا اقتصاديًا ؟

هل تستطيع أمريكا عزل روسيا اقتصاديًا ؟
هل تستطيع أمريكا عزل روسيا اقتصاديًا ؟

هل تستطيع الولايات المتحدة عزل روسيا اقتصاديًا بالكامل؟

في قلب الصراع العالمي، تبرز تساؤلات ملحة حول قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على فرض عزلة اقتصادية شاملة على روسيا. .
في السنوات الأخيرة، تصاعدت العقوبات الاقتصادية حتى وصلت إلى مستويات غير مسبوقة في التاريخ الحديث، وبات الحديث عن
الحصار المالي الروسي و”عقوبات الغرب” عناوين تتصدر منصات البحث وأخبار الاقتصاد العالمي .هذا يعني أن التحولات السياسية والعسكرية تفرض واقعًا اقتصاديًا جديدًا، يدفع المتابعين العرب للبحث المتواصل حول: هل فعلاً تستطيع أميركا “شل الاقتصاد الروسي”؟ أم يبقى الدب الروسي قادرًا على الصمود والمناورة؟ .
لذلك، نستعرض في هذا التقرير من غزة تايم تحليل دقيق ومعمق لمشهد العقوبات الأميركية ضد روسيا، ومستقبل الاقتصاد الروسي في ظل هذه الحرب الباردة الاقتصادية.

عقوبات أمريكا : الشدة والتنوع

فرضت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها – في مقدمتهم الاتحاد الأوروبي – أكثر من 22 ألف عقوبة على روسيا منذ 2022 وحتى النصف الأول من 2025. .
تشمل هذه العقوبات: حظر التعاملات البنكية، وتجميد الأصول، وحظر تصدير التكنولوجيا، وقيود شديدة على النفط والغاز الروسيين. .
علاوة على ذلك، أدخلت إدارة بايدن منتجين رئيسيين للنفط ومشروعات الغاز ومسارات الشحن على قوائم العقوبات. .
في نفس السياق، أوضح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أن الهدف الأساسي هو جعل تمويل روسيا للحرب في أوكرانيا أكثر صعوبة كل يوم. .

  • العقوبات طالت كيانات مالية كبرى وأكثر من 6400 فرد ومؤسسة روسية.
  • القيود على تداول الدولار واليورو زادت الضغط على الروبل.
  • السيطرة على حركة التصدير والاستيراد أثرت على مشروعات الطاقة والاستثمارات المستقبلية.

نتيجة لذلك، تراجعت احتياطات الصندوق السيادي الروسي بشكل ملحوظ. .
ولكن، كيف أنه لم ينهار الاقتصاد الروسي حتى الآن؟ .

نقاط القوة في الاقتصاد الروسي: درع الصمود

من ناحية أخرى، تفوقت روسيا في استغلال مواردها الطبيعية ومساحتها الجغرافية الشاسعة. .
قبل كل شيء، احتياطات روسيا من الغاز، النفط، المعادن الاستراتيجية والقمح جعلت من الصعب حصارها كاملًا كما حدث مع دول أخرى أقل موارد. .
على سبيل المثال، واصلت موسكو توريد الغاز لأوروبا حتى خلال أشد فترات المقاطعة، كما وجدت في السوقين الصيني والهندي بدائل لتعويض الفاقد من الأسواق الغربية.

  • النفط الروسي ركيزة رئيسية في الاقتصاد العالمي (ما زال يدعم الروبل رغم العقوبات).
  • قوة القطاع الزراعي والتكنولوجيا العسكرية.
  • التحالفات مع الصين، الهند، ودول آسيوية عززت صمود الصادرات الروسية.

هذا يعني أن إمكانية عزلة الاقتصاد الروسي دون تعريض الأمن الاقتصادي العالمي لأزمات الطاقة محدودة للغاية. .

كيف تجاوزت موسكو أكبر حصار اقتصادي في التاريخ الحديث؟

الأهم من ذلك كله، أن موسكو لم تكتفِ برد الفعل، بل اعتمدت سياسات استراتيجية لمواجهة العقوبات الغربية. .
في غضون ذلك، لجأت إلى:

  • الدفع بعملات محلية (الروبل، اليوان) في المبادلات التجارية مع الصين والهند.
  • الاستثمار في السندات والذهب بدلاً من الدولار والأصول الغربية.
  • إطلاق نظم دفع بديلة عن “سويفت” وعقد شراكات تقنية آسيوية جديدة.

وبالمثل، فرضت الدولة مزيدًا من السيطرة على حركة رؤوس الأموال وتحكمها في أسعار الصرف. .
لتلخيص، يشير الخبراء إلى أن هذه المرونة أدت إلى صمود الاقتصاد الروسي، وخففت من الصدمة الأولى للعقوبات. .

الأزمة الداخلية: هل تدفع روسيا الثمن؟

خلال عامي 2024 و2025، زادت مؤشرات التضخم في روسيا، وانخفضت القدرة الشرائية للمواطن العادي. .
بالتأكيد، أدى نقص تمويل الميزانية وتقلص صندوق الثروة السيادي، الذي تراجع من 117 مليار دولار في 2021 إلى أقل من 31 مليار دولار نهاية 2024، لازدياد الضغوط على الحكومة. .

  • انخفاض كبير في الاقتراض الخارجي الروسي بسبب حظر التعاملات مع الغرب.
  • تراجع الاستثمار الأجنبي والجذب السياحي.
  • لجوء الدولة لإجراءات تقشف ولوائح مالية جديدة.

مع ذلك، لا يتوقع خبراء غربيون انهيار الاقتصاد الروسي قريبًا، خصوصًا مع بقاء صادرات الطاقة دون توقف. .

هل العزلة الكاملة ممكنة لـ أمريكا في عالم مترابط؟

بعبارة أخرى، يشكل الاقتصاد الروسي داعمًا رئيسيًا للعديد من الاقتصادات حول العالم. .
على سبيل المثال، تعتمد دول الاتحاد الأوروبي وآسيا وأفريقيا على واردات النفط، الغاز، القمح والمعادن من موسكو. .
في نفس السياق، استفادت الصين والهند من انخفاض سعر الموارد الروسية بفعل العقوبات، وأصبحتا سوقين حيويين للبضائع الروسية.

  • تحذيرات من أزمة طاقة عالمية في حال فرضت عزلة كاملة على روسيا.
  • الشركات الغربية نفسها قد تتضرر من تطبيق حظر مطلق نتيجة الاعتماد المتبادل في سلاسل الإمداد.
  • السوق العالمية للقمح والأسمدة معرضة للاضطراب إذا تعمق الحصار.

وبالتالي، لم تُقدم أميركا أو أوروبا على فرض عقوبات كاملة تفاديًا لتداعيات عالمية قد تشمل التضخم، البطالة، وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.

استراتيجيات أمريكا وأهدافها المستقبلية

من ناحية أخرى، لم تفرض واشنطن بعد أقسى أنواع العقوبات التي قد تطال قطاع الطاقة الروسي بشكل شامل ومباشر. .
مثال ذلك، لم تحظر أمريكا واردات النفط الروسية بشكل كامل، كما أن القيود البنكية وُظِّفت بشكل تدريجي ومدروس.

  • تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي واليابان ضمن “مجموعة السبع” لتنسيق العقوبات.
  • الضغط على الأسواق البديلة لروسيا (الصين، الهند، تركيا) لتقليل الاستيراد الروسي، ولكن بنتائج محدودة.
  • تطوير أدوات رقابة وتقنيات حديثة لرصد وتضييق طرق الالتفاف على العقوبات.

لهذا، تصريحات إدارة بايدن تركز حاليًا على “إضعاف” الاقتصاد الروسي وليس “تدميره” أو عزله كاملًا، رغبة في الحفاظ على استقرار الاقتصاد العالمي. .

العلاقة بين روسيا والصين: مفاجآت الدبلوماسية والتجارة

علاوة على ذلك، لعبت الصين دور المنقذ الاقتصادي لروسيا بعد فقدان الأسواق الغربية. .
في نفس السياق، اعتمد البلدان على اتفاقيات تبادل عملات وتعاون تكنولوجي وتجاري تجاوز العقوبات الغربية. .
يؤكد المراقبون أن استخدام الروبل واليوان بدلاً من الدولار واليورو أعاد رسم المشهد التجاري العالمي.

  • استراتيجية آسيا-روسيا قلبت موازين القوة وأضعفت فعالية الحصار الأميركي.
  • رفع العقوبات عن شركات صينية تتعامل مع روسيا ليس حلاً سهلاً بسبب تعقيدات السوق الدولية.
  • التهديدات الأميركية الجديدة في 2025 تشير إلى استهداف التحالف الروسي الصيني كأولوية في السياسة الاقتصادية الأميركية.

نتيجة لذلك، أمريكا تواجه تحدياً جيوسياسياً وتكنولوجياً متصاعداً مع تقدم التنسيق الروسي-الصيني.

الخلاصة والتوقعات المستقبلية

باختصار، رغم حجم العقوبات وقوتها، أثبتت الوقائع أن إمكانيات
عزل روسيا اقتصاديًا بالكامل لا تزال محدودة في ظل واقع عالمي مترابط. .
القدرة الأميركية على الضغط الاقتصادي قائمة، ولكن روسيا تمتلك مقومات قوية للاستمرار وتجاوز العقبات إلى حد بعيد، خاصة في ظل تحالفاتها مع قوى آسيا الصاعدة. .
لتلخيص المشهد:

  • الحرب الاقتصادية طويلة الأمد ستجعل روسيا أكثر فقرًا وتقنيًا متأخرة نسبيًا.
  • لكن، انهيار كامل غير مرجح في المستقبل القريب في ظل استمرار تصدير الطاقة.
  • حرب العقوبات ستظل ملعبًا مفتوحًا بين واشنطن وموسكو ضمن سياسات الإحتواء والتحالفات الجديدة.

في نهاية المطاف، يبقى سؤال المتابع العربي حول “هل تستطيع أميركا عزل روسيا اقتصادياً بالكامل؟” محل نقاش متجدد، وتبقى الإجابة مرهونة بالتحولات السياسية، قوة الموارد، واتجاهات التحالفات الدولية في السنوات القادمة. .

 

Exit mobile version