يعدّ فيلم “دبّوس الغول” (2021) كامل ماي سيما من أبرز الأعمال السينمائية التونسية القصيرة التي تمزج بين الكوميديا والرمزية الاجتماعية والسياسية. الفيلم من إخراج فارس نعناع، وهو مقتبس عن قصة “نهاية أعزب” للأديب التونسي علي الدوعاجي.
يروي الفيلم قصة آدم وحواء في جنة خيالية، حيث يتهمان بسرقة تفاحة، مما يؤدي إلى محاكمتهما أمام قاضٍ يُذكّر بشخصية سياسية تونسية بارزة. تتطور الأحداث لتُسقط الضوء على قضايا اجتماعية وسياسية معاصرة في تونس.
يستخدم الفيلم رمزية قصة آدم وحواء لتسليط الضوء على قضايا مثل الفساد، والعدالة، والحرية، من خلال محاكمة ساخرة تعكس الواقع السياسي والاجتماعي في تونس.
يضم طاقم العمل كلاً من ياسمين الديماسي (حواء)، محمد مراد (آدم)، آمال الكرّاي (أم حواء)، جمال ساسي (القاضي)، وريم الحمروني (المستشارة). أشاد النقاد بأداء الممثلين وبراعة الإخراج في تقديم قصة رمزية بأسلوب كوميدي.
حظي الفيلم بتقدير واسع، حيث نال إشادة خاصة من طلبة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان خلال اختتام الدورة الرابعة للأيام السينمائية بالقيروان في أبريل 2022.
دبوس الغول كامل ماي سيما
يتّسم فيلم “دبّوس الغول” بجمالية بصرية لافتة، حيث يستغل الإخراج الذكي مواقع التصوير والإضاءة بشكل يعكس الحالة النفسية للشخصيات والتوتر الدرامي في كل مشهد. كما أن استخدام الرمزية البسيطة في الملابس والديكور ساعد على تعزيز البعد الأسطوري للقصة مع ربطه بالواقع المعاصر.
وقد لعبت الموسيقى التصويرية دورًا مكمّلًا للحدث، حيث مزجت بين الإيقاعات التقليدية والتأثيرات الحديثة. مما أضفى أجواءً غريبة ومُبهجة في آنٍ واحد، تتماشى مع الطابع الكوميدي الساخر للفيلم.
لاقى الفيلم استحسانًا كبيرًا من النقّاد والجمهور على حدّ سواء. وخاصةً في الأوساط الجامعية والمهرجانات السينمائية المحلية، حيث تميّز بقدرته على فتح نقاش واسع حول العلاقة بين الفن والواقع السياسي والاجتماعي. ورأى البعض فيه تجديدًا لأسلوب الحكاية الرمزية في السينما التونسية، بأسلوب ساخر لا يخلو من العُمق.
كما وصف بأنه أحد الأعمال القليلة التي استطاعت أن تعالج قضايا جادّة مثل السلطة والدين والجنس والعدالة، من دون الوقوع في فخ المباشرة أو الوعظ.
في جوهره، يدعو “دبّوس الغول” إلى مساءلة ما نعتبره “مسلّمات” في حياتنا، من خلال تفكيك الأسطورة الأولى للإنسان، آدم وحواء. وتقديمها في سياق معاصر يعكس كيف لا تزال البشرية تكرر أخطاءها الأولى، في قالبٍ ساخر يحمل دعوة للتفكير والمراجعة.