من الأدلة التي استند عليها راذرفورد في نموذجه النووي عبور معظم جسيمات ألفا وارتداد بعضها بزوايا اكبر من 90 درجة (صواب).
في مطلع القرن العشرين، كانت الذرة تُصوَّر كنظام بسيط تتوزع فيه الشحنات الموجبة والسالبة بالتساوي، كما افترض نموذج طومسون الذي شبّه الذرة بـ”كرة من الشحنات الموجبة تغوص فيها الإلكترونات مثل الزبيب في الكعكة”. غير أن هذا التصور لم يصمد طويلًا أمام التجربة الشهيرة التي أجراها العالم الفيزيائي النيوزيلندي إرنست راذرفورد عام 1909، والتي قلبت المفاهيم السائدة رأسًا على عقب وأدت إلى ظهور النموذج النووي للذرة.
من الأدلة التي استند عليها راذرفورد في نموذجه النووي عبور معظم جسيمات ألفا وارتداد بعضها بزوايا اكبر من 90 درجة (صواب).
تجربة رذرفورد: جسيمات ألفا تكشف ما هو مخفي
أجرى راذرفورد التجربة بالتعاون مع تلميذيه هانز جايجر وإرنست مارسدن، حيث قاموا بتوجيه جسيمات ألفا – وهي جسيمات موجبة الشحنة وثقيلة نسبيًا – نحو ورقة رقيقة جدًا من الذهب لا يتعدى سمكها بضع ذرات.
وكان الهدف من التجربة هو دراسة كيفية تفاعل جسيمات ألفا مع الذرات، متوقعين أن تمر جميع الجسيمات من خلال الورقة الذهبية دون تغيير في مسارها تقريبًا، إذا كانت الذرة كما وصفها طومسون. لكن النتائج جاءت مفاجئة وصادمة.
النتائج التي صدمت المجتمع العلمي
لاحظ راذرفورد وفريقه أن:
معظم جسيمات ألفا مرت خلال الورقة الذهبية دون أي انحراف يُذكر.
بعض الجسيمات انحرفت بزوايا صغيرة.
عدد قليل جدًا من الجسيمات ارتدت بزوايا كبيرة قد تصل إلى أكثر من 90 درجة، أي أنها ارتدت في الاتجاه المعاكس لمسارها الأصلي.
وصف راذرفورد هذه النتائج لاحقًا بقوله: “كان الأمر كما لو أنك تطلق قذيفة مدفع على منديل ورقي، ثم ترتد إليك!”.
الاستنتاج المنطقي: الذرة ليست كما اعتقدنا
استنادًا إلى هذه الملاحظات، استنتج راذرفورد أن الذرة لا يمكن أن تكون كتلة متجانسة من الشحنة الموجبة كما افترض طومسون، بل لا بد أن:
تتركز الشحنة الموجبة ومعظم كتلة الذرة في منطقة صغيرة جدًا من الذرة، أسماها لاحقًا النواة.
الجزء الأكبر من حجم الذرة فراغ تقريبًا، يسمح بمرور معظم جسيمات ألفا دون اعتراض.
الارتدادات الكبيرة التي شهدها الفريق ناتجة عن تصادم جسيمات ألفا مع هذه النواة الصغيرة والمركزة، ما يشير إلى أن النواة شديدة الكثافة وتملك شحنة موجبة قوية.
وهكذا، وُلد نموذج راذرفورد النووي، الذي قدم تصورًا جديدًا للذرة على أنها تتكون من نواة صغيرة كثيفة موجبة الشحنة في المركز، تدور حولها الإلكترونات في فراغ.
أثر النموذج على الفيزياء الحديثة
كان اكتشاف راذرفورد بمثابة ثورة علمية مهدت الطريق لفهم البنية الذرية الحديثة، وأسهم في تطوير ميكانيكا الكم والنماذج اللاحقة مثل نموذج بور، ثم النماذج الذرية الأكثر دقة في العصر الحديث.
وقد اعتُبر هذا العمل مثالًا بارزًا على قوة المنهج التجريبي في العلم، وكيف يمكن لتجربة بسيطة، إذا ما قُرئت جيدًا، أن تعيد صياغة فهمنا للعالم المادي.