يواصل الجيش الإسرائيلي شنّ غارات عنيفة ومكثفة على قطاع غزة، في ظل تجاهل واضح لمصير الرهائن الأحياء المحتجزين لدى حركة حماس، ما يثير تساؤلات حول مستقبلهم في ظل استمرار العمليات العسكرية، وفقًا لخبراء.
ووفق التقديرات، تحتجز حماس 59 أسيرًا، يُعتقد أن نصفهم على الأقل لا يزالون على قيد الحياة، بينما قُتل الآخرون جراء الغارات الإسرائيلية أو خلال محاولات إسرائيلية فاشلة لتحريرهم. وتداولت وسائل إعلام فلسطينية أنباء عن مقتل رهينة إسرائيلي مع تجدد القتال، وهو ما لم تؤكده أو تنفه الحركة حتى الآن.
رهائن بين نارين
يؤكد الخبير في الشأن الإسرائيلي، ناجي البطة، أن “الحكومة الإسرائيلية ذات التوجه اليميني لا تبدي اهتمامًا حقيقيًا بمصير الرهائن الأحياء في غزة، إذ تعتمد على عقيدة مفادها أن التفاوض على الجثامين أقل تكلفة من التفاوض على الأحياء”.
وأضاف البطة أن “إسرائيل والولايات المتحدة تسعيان إلى تحميل حماس مسؤولية حياة الرهائن، معتبرتين أن تعرضهم للأذى – حتى في القصف الإسرائيلي – يعود إلى ممارسات الحركة ورفضها التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى”.
وأشار إلى أن “هذه السردية تمنح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فرصة للتنصل من أي تبعات سياسية أو شعبية قد تنجم عن استمرار القتال، مؤكدًا أن نتنياهو قد يواصل العمليات العسكرية حتى لو أُعلن رسميًا عن مقتل عدد من المحتجزين”.
وتابع: “إسرائيل تدرك أن العودة إلى القتال تجعل مصير الرهائن الأحياء مجهولًا، لكن نتنياهو مضى في هذا الخيار لتقليل أي ثمن قد يضطر لدفعه مقابل الإفراج عنهم، مستفيدًا من الدعم الأمريكي المطلق لتحقيق أهدافه”.
أهداف سياسية تتجاوز مصير الرهائن
من جانبه، يرى المحلل السياسي، رائد نعيرات، أن “الأهداف السياسية لنتنياهو لا تشمل ضمان عودة الرهائن أحياء إلى إسرائيل، إذ يركز جهوده على البقاء في السلطة، وتجنب الإطاحة به أو محاكمته في قضايا الفساد التي تلاحقه”.
وأوضح نعيرات أن “نتنياهو يدرك أن جعل حياة الرهائن أولوية قد يؤدي إلى انهيار ائتلافه الحاكم، في حين أن العودة إلى القتال في غزة عززت استقرار حكومته ومكّنته من تمرير الميزانية العامة في الكنيست”.
وأضاف: “لا يبدو أن نتنياهو سيتردد في إعطاء الضوء الأخضر لأي قصف في غزة، حتى لو كان هناك رهائن في المناطق المستهدفة، إذ أن مقتل أي منهم يمنحه مبررًا لتصعيد العمليات العسكرية ضد حماس، وفرض مزيد من الشروط على أي مفاوضات مستقبلية”.
وأشار نعيرات إلى أن “حماس لديها مصلحة واضحة في الحفاظ على حياة الرهائن، حيث يمنحها ذلك ورقة ضغط قوية في أي مفاوضات، كما يبعد عنها الاتهامات بالمسؤولية عن مقتلهم، لا سيما أن الولايات المتحدة تتبنى موقفًا يحمّل إسرائيل مسؤولية أقل في هذا السياق”.
واختتم قائلاً: “إسرائيل ستواصل عملياتها العسكرية بغض النظر عن تأثيرها على الرهائن، بينما يبقى المطلوب من حماس تقديم تنازلات في المفاوضات، وإتاحة الفرصة للوسطاء للتوصل إلى اتفاق، وإلا فإن إسرائيل قد تمضي في تصعيدها إلى أقصى حد”.