تواصل باريس حرمان آلاف المغاربة من الحصول على تأشيرات دخول إلى الأراضي الفرنسية، في ظل عدم وضوح شروط منح الرفض.
وفي العام الماضي، قررت فرنسا تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس، ردًا على “رفض” الدول الثلاث إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لإعادة المهاجرين من مواطنيها. وقتها اعتبرت الرباط هذا القرار “غير مبرر”.
في غضون ذلك، رفضت فرنسا منح التأشيرات لعدد من المغاربة، بينهم بعض الوزراء السابقين والمسؤولين التنفيذيين في الدولة ورجال الأعمال، بحسب تقارير محلية.
كما حرم فنان الراب المغربي الشهير “طوطو” من تأشيرة دخول، حيث اضطر قبل أيام إلى إلغاء جولته الفنية في فرنسا، بعد أن رفضت القنصلية منحه تأشيرة دخول.
عبر العديد من النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي عن غضبهم من سياسة فرنسا، التي زادت من معدل رفض التأشيرات للمواطنين المغاربة.
كما أثارت هذه الأزمة غضب بعض الأحزاب السياسية المغربية التي اعتبرت القرار الفرنسي “مهينًا” للشعب المغربي.
وفي هذا الصدد وجهت النائبة البرلمانية عن “تحالف فيدرالية اليسار” فاطمة التامني سؤالًا خطيًا إلى وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة حول هذا الملف المثير للجدل.
وأكدت النائبة في سؤالها أن فرنسا “تتجه نحو تقليص عدد التأشيرات الممنوحة، وهو منطق يكتنفه الكثير من الغموض، خاصة في مواجهة تحصيل الرسوم والمبالغ الضخمة دون معالجة الملفات المطروحة”.
وشددت التامني على أن العديد من المغاربة “يُمنعون من تأشيرات الدخول إلى فرنسا دون مبررات معقولة، مع العلم أن القنصلية تستخرج واجبات التأشيرة”، على حد تعبيرها.
واستفسرت عن الإجراءات التي تعتزم الرباط تنفيذها لوقف “الإهانات” التي يتعرض لها المغاربة بسبب هذه التأشيرة.
أساس المشكلة الجزائر
وقال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ديجون الفرنسية، عبد الرحمن مكاوي، إن “أساس المشكلة هو الجارة الشرقية الجزائر التي رفضت في وقت سابق استقبال أكثر من 8000 شاب جزائري، لذلك قررت فرنسا تعويم الموضوع وتدرج المغرب وتونس في هذه الأزمة”.
وأضاف مكاوي، أن المغرب يتعرض لسياسة عقابية من قبل فرنسا لأسباب مجهولة، مبينًا أن بلاده ردت بشكل إيجابي عند صدور القرار الفرنسي، حيث أرسلت الرباط وفدًا أمنيًا لبحث هذا الموضوع.
وأضاف أستاذ العلاقات الدولية أن “المملكة أبدت أيضًا استعدادها لاستقبال رعاياها وتسوية القضايا العالقة، لكن فرنسا تصر على موقفها دون إبداء أي تفسيرات”.
واعتبر المتحدث أن هذا التعنت الشديد من جانب باريس يضر بالعلاقات التاريخية التي تربط الرباط وباريس.
وأكد مكاوي أن المغاربة يدفعون ثمن العلاقات المتوترة بين فرنسا والجزائر، مشيرًا إلى أن الرباط “يجب أن تطبق المعاملة بالمثل في هذا الوضع”.
من جهتها، نقلت صحيفة “لوموند” الفرنسية عن القنصلية العامة لفرنسا بالرباط أن “الحوار مستمر مع المغرب بشأن قضايا الهجرة”، لكنها لا تريد أن توضح بالتفصيل كيف بدأت باريس في رفض طلبات التأشيرة.