أثرت الطفرة في ارتفاع عدد المواليد في قطاع غزة سلبًا على مؤشر الصحة الإنجابية للمرأة، وتتأثر المرأة الآن سلبًا بظروف الحياة الصعبة. والكثير منهن غير قادرين على توفير الغذاء والدواء، بينما يقع البعض الآخر في أزمات معرضة لخطر الحمل والإنجاب والأمومة نتيجة الزواج المبكر.
يرتبط مفهوم الصحة الإنجابية حسب منظمة الصحة العالمية بالرعاية الصحية التي تقوم بها المرأة في سن الإنجاب من العلاج والغذاء والرعاية قبل وبعد الحمل، ولم يعد يقتصر على فكرة تنظيم الأسرة فقط. مديرة دائرة صحة الأم والطفل في وزارة الصحة نهلة حلس تقول إن هذا التعريف هو المعتمد في القطاع، ونحن نعمل على تطبيق أحكامه.
قلة الخدمات والمراكز الصحية
لا يقتصر مفهوم الصحة الإنجابية على فكرة تنظيم الأسرة، مما يجعل المرأة تتأثر بالوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في غزة، وفي مجتمع قطاع غزة تواجه المرأة مسؤوليات جسدية ونفسية صعبة لا تتناسب مع متطلباتهن لتوفير الحد الأدنى من متطلبات الصحة العادية.
تشمل خدمات الصحة الإنجابية المقدمة في غزة تنظيم الأسرة، ورعاية النساء قبل وأثناء وبعد الحمل، وكذلك الوصول إلى وسائل منع الحمل وتنظيم الأسرة، وإدارة المضاعفات الناجمة عن الإجهاض، ورعاية الأطفال حديثي الولادة. يتعاون صندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة الصحة العالمية والأونروا مع وزارة الصحة الفلسطينية لتقديم الخدمات الصحية للمرأة.
وأوضحت حلس أن هذه الخدمات تقدم في 49 عيادة صحية منتشرة في جميع محافظات غزة، 27 منها تابعة لوزارة الصحة (وكالة حكومية)، و22 للأونروا (منظمة تابعة للأمم المتحدة). إلا أن المسؤولية الطبية لم تؤكد ما إذا كانت هذه المراكز كافية للوصول إلى جميع النساء في قطاع غزة.
في الواقع، فإن 49 مركزًا صحيًا لخدمات الرعاية الإنجابية في غزة هي عدد صغير، حيث تشكل النساء حوالي نصف المجتمع. وبينما يوجد 18 ألف حامل سنويًا، تشير حلس إلى أن الوزارة تدرس المناطق سنويًا لتحديد مدى الحاجة لفتح مركز صحي، لكن الأمر معقد، حيث يتطلب كوادر بشرية وأدوات واحتياجات متنوعة، وكذلك التكاليف المالية.
انعكس قلة عدد المراكز الصحية على واقع الصحة الإنجابية للمرأة في غزة، حيث تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى أن ثمانية في المائة من جميع النساء في سن الإنجاب (15 إلى 49 سنة) توفين أثناء الولادة. تعاني حوالي 45 في المائة من فقر الدم أثناء الحمل وبعده، وقد وصلت مخاطر الحمل إلى 32 في المائة بين جميع النساء الحوامل.
التأثر بظروف المجتمع
تقول حلس: “تتأثر هذه العوامل بضعف الأوضاع الاقتصادية والنفسية والاجتماعية للمرأة، بالإضافة إلى زيادة السمنة ونقص التغذية السليمة نتيجة الفقر وعدم الاهتمام بعوامل الخطر والوراثة. كما يتعرضون باستمرار لضغوط وضغط نفسي وعنف منزلي مما يؤثر على الهرمونات”.
وهذا يؤدي إلى فشل نمو الجنين بشكل طبيعي، وقد يحدث إجهاض. لذلك نقوم بتوفير كميات كافية من الحديد وحمض الفوليك والفيتامينات للحامل لغرض التعويض ومحاولة الحفاظ على الحمل صحيًا دون الوصول إلى مرحلة الخطر. بالإضافة إلى جلسات التثقيف والمتابعة وإجراء جميع الفحوصات. للأم بعد الولادة مع تطعيم طفلها.
الواقع أن غزة تعيش أزمات معقدة، حيث يعاني القطاع من تدهور اقتصادي حاد ، ووصل معدل الفقر المدقع إلى 54 في المائة، بينما وصل دخل الفرد إلى 7 دولارات في اليوم. وبلغت مؤشرات انعدام الأمن الغذائي 82 في المائة بين الأسر، بعد أن ارتفعت البطالة إلى 71 في المائة. بحسب معطيات جهاز الإحصاء الفلسطيني.
هذه المؤشرات دفعت المرأة إلى تجنب الحمل، وتشير بيانات نفس الجهاز إلى أن عدد النساء في سن الإنجاب (15-49) بلغ أكثر من 40 ألف امرأة في غزة، بمعدل خصوبة أربعة مواليد لكل امرأة.
توضح فريال ثابت، مديرة مركز صحة المرأة بجمعية “الثقافة والفكر” (منظمة غير حكومية)، أن هذا المعدل انخفض من خمسة أطفال إلى سيدة عام 2018، فبسبب التدهور الاقتصادي تشعر النساء بعدم قدرة الأزواج على إعالة الأطفال.
مؤشر سيء
تذكر ثابت أن 70 بالمائة (أكثر من 15000 سنويًا) من النساء يستخدمن وسائل تنظيم الأسرة ويريدن المباعدة بين الحمل والحمل التالي، و 10 بالمائة لا يرغبن في إنجاب الأطفال. يوضح أن مؤشر الصحة الإنجابية للمرأة ليس جيداً، حيث أن 13% من النساء لديهن احتياجات غير ملباة لتنظيم الأسرة.
بالإضافة إلى وجود حوالي 5% من النساء الحوامل. لم تتلق أي منهن أي رعاية صحية إطلاقاً أثناء وبعد الحمل مما يفسر عدم تغطية وزارة الصحة ووكالة “أونروا” جميع احتياجات المرأة المتعلقة بصحتها الإنجابية. ولم تختف ظاهرة الزواج المبكر في غزة مما يشكل مخاطر على الأمهات أثناء الحمل مما يؤثر سلبا على الصحة الإنجابية.
يوضح المسؤول المسؤول عن صحة الأم والطفل في وزارة الصحة، أن 4 في المائة من حالات الحمل الصغيرة خطرة، وقد تتعرض في النهاية للإجهاض أو الولادة المبكرة أو الولادة القيصرية (ارتفعت النسبة من 29 في المائة في عام 2021).
من جهته، قال ممثل صندوق الأمم المتحدة في قطاع غزة، سامي أبو عيطة، إنهم يقدمون مشاريع تساعد على تحسين الصحة الإنجابية في قطاع غزة، وأبرزها تجهيز 12 مستشفى للغرض نفسه، مشيرًا إلى أنها لعبت دور مهم في نشر الوعي الصحي.
المصدر: اندبندنت عربية