غزة تايم

“الزنانات”.. طائرات إسرائيلية تنذر بالموت في سماء غزة

alt=
"الزنانات".. طائرات إسرائيلية تنذر بالموت في سماء غزة

تفاصيل العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة لا تفارق خيال الفلسطيني بلال أبو الخير من سكان منطقة عسقولة شرقي مدينة غزة. وذلك بسبب استمرار الأصوات المزعجة لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية التي تجوب سماء بلاده ليلًا ونهارًا دون توقف. ويتشارك أهالي قطاع غزة نفس القلق والأرق بسبب التحليق المكثف والمتواصل للطائرات شديدة التأثير، الأمر الذي سبب لهم حالة من الانزعاج والقلق المستمر.

إن طائرة الاستطلاع التي يسميها أهالي قطاع غزة بـ “الزنزانة” بسبب صوتها المزعج، هي طائرة عسكرية بدون طيار، تم تعديلها للقيام بعمليات استطلاع جوي لجمع المعلومات الاستخبارية والأمنية المتعلقة بالمقاومة وتطويرها. وتحركات قادتها وجنودها أثناء حملهم للصواريخ للقيام بمهام محددة ودقيقة. مثل عمليات تحديد المواقع، وكذلك الاغتيالات أو الاستهدافات الخاطفة.

“أصوات الزنانة المستمرة مزعجة للغاية”

يقول بلال أبو الخير وهو أب لخمسة أبناء وبنات، “أصوات الزنانة المستمرة مزعجة للغاية وتسبب توتر الأعصاب خاصة في الليل خاصة عندما يزداد الصوت ويتضح مما يسبب حالة من الخوف لأبنائه. فيما تستغل قوات الاحتلال الإسرائيلي فترات الهدوء لرفع الصوت، لإلحاق أكبر قدر ممكن من الأذى”.

أما الفلسطيني محمود زقوت، من مخيم الشاطئ غربي غزة، فيقول إن الطائرة المسيرة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الروتين اليومي للفلسطينيين في قطاع غزة. ويضيف ساخرًا: “لا أعرف كيف سنتصرف في اليوم التالي بعد توقف الطائرات الزنانات عن إصدار تلك الأصوات المزعجة”.

لا يخفي زقوت انزعاجه من صوت الزنانة التي لا يقتصر دورها على الإزعاج فقط، بل يتعدى ذلك لتؤثر على ترددات القنوات الفضائية (مسببة تشويشًا في البث). إضافة إلى التأثير النفسي على العائلات الفلسطينية التي عاشت ظروفًا صعبة خلال الحروب على قطاع غزة، وتحديداً الحرب الأخيرة التي ألحقت أضراراً جسيمة.

ويوضح زقوت أن الاحتلال يسعى لزعزعة شعور سكان قطاع غزة بالأمن والأمان، من خلال التحليق المكثف وعلى مستويات منخفضة.

ولم تغادر طائرات الاستطلاع ذات الأصوات المرتفعة سماء قطاع غزة منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع. والذي بدأ في 10 مايو 2021، واستمر لمدة 11 يومًا، وأوقع خسائر بشرية ومادية، وما إن تفارق القطاع لأيام حتى تعود إليه.

الأصوات المستمرة للطائرات تسبب حالة من القلق والتوتر لدى أبناء قطاع غزة وتذكرهم بالحروب الإسرائيلية التي لعبت فيها “الزنزانة” دورًا مهمًا ومحوريًا في جميع عمليات القصف والتمركز والاستهداف. بالإضافة إلى أنها لا تترك الجو حتى في لحظات الهدوء أثناء الحرب، ما جعلها علامة بارزة من علاماته.

إحداث أثر نفسي سلبي

يقول أستاذ علم النفس بجامعة الأقصى، فاضل أبو هين، إن الوضع الحالي يستجلب للعقل البشري الذكريات المؤلمة المتعلقة بالحرب والدمار والقتل والفراق والمعاناة وتدمير المنازل. بالإضافة إلى تذكر الجراح والآلام والمواقف، ويؤدي إلى حالة من القلق والتوتر بين الناس، والتي بمرور الوقت تتوقع حدوث مأساة جديدة.

ويضيف أبو هين: “كل من العلامات المختزلة في عقل الإنسان تحيي بداخله العديد من الصور المرعبة وغير المنطقية. ومنها الزنزانة التي تمثل أجواء الحرب والتهديد وعدم الاستقرار، وأن شيئًا مؤلمًا في المستقبل سيحدث. مما يجعل هم عرضة لأجواء من التوتر والقلق النفسي”.

ويؤكد أبو هاين نية الاحتلال الإسرائيلي إحداث أثر نفسي سلبي من خلال الأصوات المرتفعة لطائرات الاستطلاع، خاصة أنه يستطيع تشغيلها والقيام بكل ما يشاء في جميع محافظات قطاع غزة دون أي صوت. إذ “تفوق الهزيمة النفسية للمجتمع الهزيمة المادية، وهذا ما يسعى الاحتلال للوصول إليه”.

يوضح الخبير النفسي أن أصوات الزنانات هي جزء من الحرب النفسية التي تسبب حالة من الخوف والذعر والترقب. والتي “تمثل بمجموعها الجبهة الداخلية، والتي إذا انهزمت، يكون من الصعب الوقوف على عوامل الصمود والانتصار، فيما يلجأ الاحتلال إلى هذه الطريقة لبث الرعب والخوف في نفوس الناس”.

على الرغم من عدم حدوث أي سلوك سلبي في تعامل الناس مع بعضهم البعض بسبب أصوات الطائرات، وفقًا لأبو هين، فإن استمرار الأصوات المزعجة والطيران يمكن أن يخلق نمطًا من السلوك غير المتسق للأشخاص مع بعضهم البعض بسبب امتلاء الإنسان بمشاعر سلبية.

تسود على مواقع السوشيال ميديا الفلسطينية حالة من السخرية المستمرة على أصوات طائرات الاستطلاع التي لا تغادر سماء القطاع كضيف ثقيل ودائم. ونشر بعضهم صورة بالأشعة تظهر طائرة استطلاع داخل جمجمة فلسطيني. فيما اشتكى آخرون من الأصوات المزعجة التي أصبحت حديث الناس حتى في الطرق والمواصلات العامة.

Exit mobile version