باتت الحديث عن صفقة أسرى بين حركة حماس و”إسرائيل”، موسمي إلى حد بعيد، ولم يطرأ أي تغير جدي على هذا الملف الذي يراوح مكانه منذ سنوات، في ظل رفض حكومة الاحتلال الاستجابة لمطالب الحركة بالإفراج عن الأسرى وفق شروطها.
وتحتجز “كتائب القسام”، الجناح لحركة حماس، أربعة إسرائيليين، بينهم جنديان أسرتهما خلال عدوان 2014م على قطاع غزة، وآخران دخلا إلى القطاع في ظروف مختلفة. فيما تعتبر إسرائيل أن جندييها قتيلان، لكن حماس ترفض إعطاء أي معلومات مجانية.
وظهر الملف إلى السطح مؤخراً، عقب إعلان عضو الكنيست عن حزب “العمل” أميلي حايا مواتي، عن تقدم في ملف صفقة الأسرى بناء على معلومات تلقاها أعضاء الكنيست قبل ثلاثة أسابيع خلال اجتماع للجنة الخارجية والأمن.
في المقابل نفت “حماس” ذلك، وقال مسؤول ملف الأسرى فيها عضو مكتبها السياسي زاهر جبارين، إنّ الاتصالات مجمدة حول الملف، ولم تجر أي اتصالات جديدة حول تبادل الأسرى منذ عدة أشهر.
وفي 28 ديسمبر الماضي، استقال مُنسق شؤون الأسرى والمعتقلين التابع لجيش الاحتلال موشيه طال من منصبه في الفريق الذي يشارك في المفاوضات الرامية للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس. وجاءت الاستقالة في سياق الاحتجاج على عدم الدفع بشكل كاف لإنجاز صفقة لتحرير جنودهم في غزة.
القاهرة من جهتها، طرحت مؤخراً على حركة حماس بتحريك ملف الأسرى والوقوف على نقاط الاتفاق والبدء في جولة جديدة من المفاوضات. حيث إن اَخر جولة توقفت عند تمسك الحركة بالقائمة التي حددتها بأعداد وأسماء الأسرى الذين ترغب في إطلاق سراحهم.
وقد جاء هذا الطرح بعد تولي محمود السيسي ملف إسرائيل في جهاز المخابرات العامة المصرية، وهو نجل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وما تحظى به تلك القيادة من دعم، ورغبتها في إنجاز تقدم ملموس على صعيد الملفات التي تقع تحت إشرافها.
الأسباب الحقيقية التي تقف خلف عدم إنجاز تقدم ملموس، تتمثل في الخلافات داخل الدائرة المعنية بشكل مباشر بالملف في الحكومة الإسرائيلية. فقد توصلت القاهرة إلى صيغة مناسبة، حظيت بقبول اثنين من المسؤولين المباشرين المعنيين بالملف في إسرائيل، قبل أن يتم التراجع، بداعي الحاجة لمزيد من الوقت.
الحكومة الإسرائيلية أيضاً غير جادة في الوصول إلى تبادل أسرى، لاعتبارات داخلية وخشية على تماسكها. فيما تسمح بتسريب مثل هذه الأخبار لامتصاص غضب أهالي الإسرائيليين المحتجزين لدى “حماس” في غزة.
لكنها في الواقع غير معنية بتكرار تبادل الأسرى، مثل الذي جرى في عام 2011م، حين أفرجت إسرائيل عن 1027 أسيراً وأسيرة من ذوي الأحكام العالية، مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. وقد مثلت للمجتمع الإسرائيلي صدمة ما زالت تهمين على المشهد السياسي الإسرائيلي قد تمنع أي مسؤول أو حزب من إبرام صفقة مستقبلية، وذلك لأهداف خاصة بالائتلاف داخل الحكومة أو بالبقاء على كرسي رئاسة الوزراء.
في المقابل حماس متصلبة جداً ولا يمكن أنّ تتم صفقة جديدة إلا بشروطها، وخاصة الإفراج عن أكبر عدد من الأسرى وأصحاب المحكوميات العالية، ولا يمكن أنّ تؤثر الضغوط والظروف الإقليمية عليها لتخفيض سقف مطالبها. يمكن القول إن المفاوضات حول تبادل الأسرى عالقة، حيث إن إسرائيل وحماس غير مستعدين للتنازل وتقديم ثمن مقابل إخراج الصفقة إلى حيز التنفيذ.
بقلم: سماح حجازي