غزة تايم

غزة.. قسم بمستشفى للأطفال خطوة نحو الشفاء من السرطان

alt=

لتخفيف المعاناة الجسدية والنفسية للأطفال المصابين بأمراض الدم والسرطان في قطاع غزة، افتتحت جمعية “إغاثة أطفال فلسطين” بالتعاون مع وزارة الصحة قسمًا خاصًا، يعتبر الأول من نوعه في القطاع.

القسم الواقع في الطابق الثاني من مستشفى “الرنتيسي” الحكومي بمدينة غزة، الذي زُخرفت جدرانه بألوان فاتحة كالأزرق والزهريّ، وتوسطتها رسومات كرتونية، شكّل “بصيص أمل” للأطفال وذويهم على طريق تخفيف معاناتهم والشفاء.

ويستقبل القسم الذي يضمّ بين أروقته غرفة للرعاية اليومية وعيادة أسنان وقسميّن لمبيت الأطفال وغرفة للألعاب، عشرات الحالات يوميًا من الأطفال ذوي أمراض الدم والسرطان.

ولن يضطر هؤلاء الأطفال للسفر خارج القطاع لإجراء فحوصات أو تلقّي الجرعات الكيماوية، ولن يتكبدوا تلك الرحلة التي – غالبًا – ما يعرقلها الجانب الإسرائيلي برفض السفر بدعوى أن المريض “ممنوع أمنيًا”.

وكانت وزارة الصحة، قالت في تصريح سابق، إن ذلك القسم “ثاني أكبر قسم لعلاج الأطفال المصابين بالسرطان على مستوى فلسطين”، وبيّنت أنه يهدف لـ”السيطرة على مرض السرطان في مراحله المبكّرة للتقليل من نسب الوفيات بين الأطفال المرضى بغزة”.

وبدأ تنفيذ مشروع القسم منذ العام 2015 من خلال جمعية “إغاثة أطفال فلسطين”، حيث بلغت تكلفته حوالي 3.5 ملايين دولار أمريكي.

وبحسب مركز “الميزان لحقوق الإنسان” (غير حكومي)، فإن عدد الأطفال المصابين بالسرطان في قطاع غزة وصل 608 أطفال، بواقع 7% من المصابين بالمرض والبالغ عددهم 8515 مصابًا.

خدمات طبية

داخل غرفة الرعاية اليومية، يجلس الطفل محمد أبو خطّاب (7 أعوام) على سريره، حيث يتلقّى جرعات علاجية (وحدات) من الدم.

والطفل أبو خطّاب، المصاب بسرطان الدم “اللوكيميا”، تظهر في قدمه كتلة (ورم) متوسط الحجم، كما تقول أمه “شفاء” إن هناك كتلة شبيهة في بطنه.

أبو خطّاب، يزور القسم الجديد للمرة الأولى، لكنّه هذه المرة لا يرهق نفسه بالنظر إلى وحدة الدمّ الموصولة بذراعه، حيث ينشغل بمتابعة الرسوم المتحركة، المعروضة على شاشة كبيرة تتصدّر غرفة الرعاية الأولية.

وتقول والدته: “تم التقدم لإجراء تحويلة لمحمد لتلقي علاجه في مستشفى المقاصد بمدينة القدس، لكن إسرائيل لم تسمح لنا بالمرور، بحجة أننا تحت الفحص الأمني”.

ويمثّل هذا القسم فسحة جديدة من الأمل لـ”خطّاب” ووالدته بعد أن أنهك السرطان جسده النحيف، منذ ولادته.

وتأمل خطّاب أن يساهم القسم في تقديم الرعاية النفسية اللازمة للأطفال المصابين، كخطوة أولى على طريق شفائهم التام.

وعلى السرير المجاور لخطّاب، تجلس الطفلة زينة الغصين، التي اقتربت من العامين، وتلعب بإحدى اللعب التي يوفّرها القسم منتظرة وحدة الدم الخاصة بها كي تجهز.

تعاني “الغصين” من فقر دم “أنيميا” منذ ولادتها، حيث تحتاج لوحدة دم كل شهر أو يزيد.

وحال الغصين كحال عشرات الأطفال الذين يترددون على القسم ممن يعانون من أمراض الدم المختلفة إلى جانب أطفال السرطان.

بصيص أمل

نعمة عاشور مديرة قسم علاج سرطان الأطفال في مستشفى الرنتيسي، قالت إن افتتاح القسم جاء بعد جهود دامت 3 سنوات تقريبًا، بتمويل من آلاف المتطوعين (الأفراد) حول العالم.

وأضافت: “هذا القسم بمثابة بصيص أمل لـ أطفال غزة الذين يعانون من السرطان”، موضحة أن 100% من هؤلاء الأطفال المرضى يتكبدون رحلة علاج طويلة خارج القطاع، لإجراء الفحوصات الطبية وتلقّي الجرعات الكيماوية.

كما أن واقع الحصار، المفروض على قطاع غزة للعام الثاني عشر على التوالي، يفاقم من معاناة المرضى، ويؤثر على الجانب النفسي إذ تمنع إسرائيل عادة مرافقة الأهل للأطفال المصابين، على حدّ قولها.

لكن اليوم، يُخفف القسم من تلك المعاناة حيث يوفر الجرعات الكيماوية للمرضى، كما يعمل على تسهيل عملية الفحوصات بغزة، دون أن يضطروا للسفر إلى الخارج.

وتابعت عاشور: “سيتم إجراء تنسيق كامل مع مركز الحسين الطبي بالأردن، كي يتم إرسال العينات إليه من قطاع غزة لفحصها، دون الحاجة لسفر المريض”.

كما يهدف القسم إلى “توفير أدوية العلاج الكيماوي للأطفال حيث لا يضطرون لمغادرة القطاع حال انتهاء الأدوية المتوفرة بغزة”.

وأعربت عاشور عن أملها في وضع “خطة طوارئ لتوفير مخزون من الأدوية، بحيث لا يضطر القسم في حال انقطع الدواء، لإرسال الأطفال إلى الخارج لاستكمال علاجهم”.

وتضم غرفة العناية اليومية نحو 15 سريرًا، حيث تقدّم خدمات الجرعات الكيماوية ونقل الدم للأطفال المرضى، فيما يتوفر في القسم 3 غرف للفحص وللكشف السريري على الأطفال، وصيدلية لتحضير العلاج الكيماوي الخاص بالقسم.

ويضم كلٌ من قسمي المبيت 8 غرف مجهّزة بكل الأجهزة والمعدات اللازمة لاحتياجات الطفل ومرافقه.

خدمات متنوعة

ولا يركّز قسم علاج السرطان وأمراض الدم على تقديم الخدمات الطبية فقط، إنما يسعى لتقديم خدمات أخرى تهتم بالجانب النفسي والترفيهي والاجتماعي والتعليمي للمرضى الأطفال.

وقالت عاشور في ذلك الصدد: “مرضى السرطان ينقطعون عن الدراسة، لأنهم يتلقون العلاج على فترات، وربما يضطرون للغياب عن المدرسة نظرًا لمناعتهم المنخفضة”.

وأشارت أن القسم سيسعى لمتابعة الأطفال من الناحية التعليمية، وتقديم دروس تقوية لهم حتى لا يتخلفوا عن الدراسة.

ولفتت إلى أن المركّز سيعتني بالجانب النفسي والاجتماعي للطفل والأم المرافقة، من خلال وجود مرشدين نفسيين، وغرفة مجهّزة بالألعاب للترفيه عن الطفل.

إلى جانب ذلك، سينفّذ القسم، بحسب عاشور، أنشطة ترفيهية مثل عروض المهرجين، وأنشطة موسيقية متنوعة للأطفال وذويهم المتواجدين في المكان.

وفي فبراير/ شباط الماضي، قال مركز “الميزان”، إن مرضى السرطان بغزة يكابدون أخطارًا متزايدة، ويواجهون موانع تتعاظم أمام حصولهم على الرعاية الصحة المناسبة، للنجاة من المرض.

وأوضح في بيان، أن متوسط نسبة العجز في الأدوية اللازمة لعلاج مرضى السرطان وأمراض الدم بلغت حوالي 58% خلال عام 2018.

وفي السياق، أكد المركز أن المرضى يعانون من “صعوبة السفر خارج القطاع للخضوع إلى العلاج الإشعاعي غير المتوفر في القطاع المحاصر، بالإضافة لغياب الأجهزة التشخيصية المناسبة، وتراجع المنظومة الصحية”.

وذكر أن 38% من مرضى السرطان لم يتمكنوا من الوصول إلى المرافق الصحية خارج قطاع غزة لتلقّي العلاج، كما تعرّض 5% من المرضى والمرافقين لهم للاعتقال خلال 2018.

ووثّق المركز وفاة 45 مريضًا بالسرطان منذ عام 2016 وحتى 2018 بسبب القيود الإسرائيلية خاصة على معبر بيت حانون “إيرز”، شمالي القطاع.

وتفرض إسرائيل حصارًا على قطاع غزة، منذ سيطرة “حركة المقاومة الإسلامية” (حماس) عليه في يوليو/تموز 2007.

ويحتاج تنقل الفلسطينيين بين قطاع غزة والضفة الغربية عبر معبر “إيرز”، إلى موافقة مسبقة من السلطات الإسرائيلية، التي تمنح تصاريح لفئات محددة فقط كالمرضى والتجار والأجانب.

المصدر: الأناضول

Exit mobile version