غزة تايم

صحفي اسرائيلي: الخطر قادم من الشمال وليس الجنوب

alt=

ليس كل ما يجري في الشرق الأوسط هو جزء من مؤامرة إيرانية عالمية. صفحة الرسائل الإسرائيلية تضع دائماً طهران على رأس أولوياتها لكن التطورات على الأغلب متعلقة باعتبارات محلية هكذا يبدو الأمر بإطلاق صليات الصواريخ من القطاع على سديروت في يوم الجمعة بعد فترة طويلة نسبياً من الهدوء.

كما تبدو الأمور الآن فإن المسؤولين عن إطلاق النار هم نشطاء الجهاد الإسلامي في القطاع. هذه المنظمة تدعمها إيران مالياً وأحياناً تخضع لتوجيهاتها لكن الحديث لا يدور عن فرع أعمى وخاضع تماماً وليس لديها شبكة اعتبارات خاصة بها. في هذه الحالة هناك عنوان واضح: بهاء أبو العطا قائد اللواء الشمالي للجهاد. اسم أبو العطا أصبح دارجاً مؤخراً على لسان المراسلين الإسرائيليين ويمكن التقدير بأن هذا مفرح. لكن الحقيقة هي أن هناك سبباً جيداً لذلك فهو المسؤول عن عدد كبير من إطلاق الصواريخ بين الفينة والأخرى في السنة الأخيرة.

جهاز الأمن في إسرائيل يصف قائد اللواء الشمالي للجهاد كأزعر محلي لمع نجمه فجأة. هو يعمل ضد إسرائيل دائماً لتعزيز مكانته في القطاع سواء أمام حكم حماس أو في إطار صراع القوى التراتبي الداخلي في منظمته.

أمس لم يكن لديه أي ذريعة معينة. مظاهرات يوم الجمعة مرت بدون قتلى بسبب إطلاق النار ولم يسجل فيها أي عنف استثنائي.

ليس إسرائيل هي التي انتبهت له فحسب فرجال المخابرات في مصر يحاولون منح أبو العطا عناق دب في الفترة الأخيرة وقد استدعي مرات عدة إلى القاهرة في إطار وفود لكبار شخصيات الجهاد الإسلامي في غزة. المصريون أطلقوا سراح بضع عشرات من نشطاء الجهاد الإسلامي الفلسطينيين الذين كانوا معتقلين لديهم في محاولة لضمان تهدئة النفوس في القطاع.

يوم الخميس تم إطلاق صاروخ على بلدات غلاف غزة ولكنه كان منفرداً وسقط في منطقة مفتوحة. والجمعة تم إطلاق عدد أكبر من الذخيرة ثمة صليتان تشملان 10 صواريخ أطلقت في المساء على سديروت. بطارية القبة الحديدية التي كانت مستعدة جيداً اعترضت معظمها. صاروخ واحد سقط في ساحة بيت وتسبب بأضرار. تلقى عدد من السكان العلاج بعد تعرضهم للصدمة. هذه الحادثة وضعت إسرائيل أمام معضلة؛ هل تقوم بضرب الجهاد المسؤول عن إطلاق النار أم تعود وتلقي المسؤولية على حماس بصفتها الجسم الذي يسيطر في القطاع وفي نهاية المطاف تقرر مواصلة السياسة السابقة. وقد تم اختيار عدد كبير من أهداف حماس العسكرية لكن الهجوم حدث بتأخير يقدر ببضع ساعات بصورة مكنت المنظمة من إخلاء مقرات قياداتها. مع ذلك فلسطيني واحد قتل وأصيب اثنان. أما حماس فهددت بالرد لكنها حافظت على الهدوء في هذه الأثناء.

المنطق الذي يكمن خلف سياسة إسرائيل يقول إن دور حماس هو ضبط الجهاد الإسلامي. وهذا أيضاً ما قيل في التصريح الذي أصدره الناطق بلسان الجيش بعد الهجوم. تأمل إسرائيل بأن الهجوم على أهداف حماس سيجعلها تُعلم أبو العطا. ولكن هذا لم يحدث حتى الآن لأن حماس خشيت من مواجهة قائد لواء من الجهاد راكم لنفسه التأييد كقائد للمقاومة العنيفة أو لأنه من المريح لحماس أن تستخدم الضغط العسكري بين الحين والآخر على إسرائيل من أجل أن تسرع ببادرة حسن النية الاقتصادية وتقوم بتسهيل الحركة التي يعد بها المصريون الفلسطينيين منذ فترة طويلة.

خلف قرار إسرائيل تقف اعتبارات أخرى. منذ فترة طويلة وحكومة نتنياهو تتبع سياسة احتواء في القطاع من خلال عدم الرغبة في التورط في مواجهة عسكرية. هذا ما حدث زمن الحرائق التي تسبب بها الطائرات الورقية والبالونات الحارقة وحتى في الجولات الصعبة التي أطلقت فيها مئات الصواريخ على جنوب البلاد (التي في أخطرها وحدثت في أيار الماضي أن قتل أربعة إسرائيليين).

في الوقت الحالي أضيف إلى ذلك سبب مهم آخر وهو الافتراض بأن التوتر مع إيران سيزداد إزاء محاولات هجومية أخرى من قبل حرس الثورة الإيراني في الجبهة الشمالية كانتقام على هجمات سابقة لإسرائيل. في الوقت الذي تضع فيه إسرائيل الشمال على رأس سلم الأولويات فإن غزة تتحول إلى ساحة ثانوية. لن يبقى هذا بشكل دائم بالضرورة حيث عملية إسرائيلية ضد الجهاد وقرار محسوب لحماس بزيادة الاحتكاك على حدود القطاع على أمل تسريع التسهيلات أو تسخين الشمال الذي سيؤثر أيضاً على غزة.. كل هذه السيناريوهات يمكن أن تعود وتسخن القطاع بشكل أكبر مما شهدناه في نهاية الأسبوع.

بقلم: عاموس هرئيل

هآرتس 3/11/2019

Exit mobile version